م Ištub-El 1880-1841) ملك ماري عاصر خلال مدة حكمه تلك ثلاثة ملوك من مملكة بابل وهم (سومو-آبم ق. م Sabium 1844-1831) الا انه لا يوجد ما يشير إلى حصول صلات سياسية بين المملكتين ماري وبابل، واستمر الحال كذلك حتى عندما تولى الحكم في ماري الملك (يجد-لم ق. م Yagid-Lim 1840-1826) والذي عاصره خلال مدة حكمه اثنان من ملوك بابل وهما "سابئيم" والملك (3)(آبيل-سين ق. ولكن بعد ان اعتلى العرش في بابل الملك (سين-مبلّط ق. م Sumu-Yamam 1809-1800) حصلت تغيرات جديدة لعل من اهمها هو سيطرة مملكة آشور على ماري(4) والتي تعتبر ذات اهمية كبيرة بالنسبة لمملكة بابل كونها تسيطر على مجموعة كبيرة من الطرق التجارية(5)، هذا وقد اتصفت العلاقات السياسية بين (يسمح-أدد ق. واستمرت كذلك حتى في عهد ابنه وخليفته الملك (حمورابي ق. ويبدو ان التعاون والتحسن في العلاقات بين مملكتي (بابل وماري) لم يستمر، اذ وقف الملك "حمورابي" إلى جانب مملكتي (يمخد وأشنونا) في جهودهم الرامية إلى انهاء الحكم الاشوري على ماري وبالفعل فقد تكللت تلك الجهود بالنجاح وعودة (زمري-لم ق. وتشير المدونات التاريخية إلى ان الملك "حمورابي" قد وقع حلفاً مع "زمري-لم" ضد الحلف الذي تشكل من قبل عيلام وأشنونا(8)، ولكن العلاقة بين الطرفين تطورت لاسيما بعد ان اصبح "زمري-لم" ملكاً قوياً لمملكة واسعة تسيطر على وادي الفرات من مصب نهر الباليخ جنوباً إلى حدود توتول "هيت حالياً" بمعنى سيطرتها على اهم طرق التجارة النهرية التي تربط بلاد بابل بالمناطق السورية(9). لقد تطورت الصلات السياسية بين بابل وماري، اذ تذكر النصوص بان هناك ممثلين بينهما بما يشبه السفراء في يومنا هذا وكانت مهمتهم اخبار ملوكهم عن الاوضاع السياسية والعسكرية في كل من المملكتين(10)، وبهذا الصدد يتفاخر ممثل ملك ماري المدعو (أيبال-بيل Ibal-pi-El) بعلاقته الوثيقة بحمورابي بقوله: "اذا شغل حمورابي امر ما فانه يكتب لي فاذهب اليه اينما كان هو ومهما يكن الامر الذي يدور في باله فانه يخبرني به"(11). وبالمثل كان لحمورابي عدد من الممثلين في بلاد ماري، وقد تمتع هذان الممثلان بمنزلة رفيعة في البلاط الملكي لخطورة المهمة التي أطلعا بها، وتدل النصوص التاريخية إلى أن العلاقة بين ماري وبابل كان لها تأثير كبير في المنطقة، ويبرز هذا التأثير على وجه الخصوص في الخلافات التي كانت تحصل بين الممالك الامورية في بلاد الشام، ومن قبيل تلك الخلافات التي كانت تحصل بين مملكتي يمخد وقطنة إذ تدخل "حمورابي" و"زمري-لم" لحلها وفرضا على ملك قطنة المثول أمام ملك يمخد ليوقعا معاهدة صداقة وسلام بينهما(15). لقد اتسمت العلاقة بين ماري وبابل بالمودة وتبادل الهدايا الشخصية فقد أهدى "زمري-لم" "لحمورابي" قطعة قماش كان قد استلمها هدية من ملك كريت، وبالإمكان تقصي تفاصيل العلاقة الطيبة بين بابل وماري من خلال العدد الكبير من الرسائل التي تم تبادلها بين المدينتين الفراتيين والتي جاءتنا من التنقيبات التي جرت في ماري، وبالتأكيد كانت هناك رسائل مرسلة من "زمري-لم" إلى "حمورابي" لكنها لا تزال تحت أنقاض بابل(17). وعلى الرغم من هذه العلاقة الوثيقة بين ماري وبابل فقد ظهرت بعض الخلافات بين الطرفين، وتؤكد لنا النصوص التاريخية حدوث تصدع آخر في العلاقة بين ماري وبابل من خلال المعاملة الجافة التي عومل بها وفد قدم من ماري إلى بابل للمشاركة في أحدى الاحتفالات الرسمية ولم يتم إعطاء أعضاء الوفد الملابس الخاصة بالحفل لارتدائها شأنهم في ذلك شأن بقية المدعوين، الامر الذي دفعه فيما بعد إلى التحالف مع اعداء "حمورابي" وخاصةً مملكة "مالكيؤم" في الشرق وآشور في الشمال، وذلك كأجراء احترازي فيما لو حاول "حمورابي" ضم ماري إلى نفوذه أسوةً بالممالك إلى ضمها من قبل(23)، مقابل ذلك فان "حمورابي" كان يتخوف من علاقة "زمري-لم" بمملكة "يمخد" ومن أمكان حصول الأخير على مساعدات عسكرية منها عند طلبه إلى جانب ذلك فان ثراء ماري واهميتها الستراتيجية كان عاملاً مشجعاً لضمها(24)، ومع كل ذلك يمكن القول ان اهداف "حمورابي" الستراتيجية لتحقيق وحدة البلاد حتمت عليه التحرك نحو ماري لضمها بعد ضم كل الممالك والسلالات الحاكمة في بلاد الرافدين الواحدة تلو الاخرى، ومع دخول ماري تحت سلطة "حمورابي" عام (1759 ق. وربما قتل "زمري-لم" في تلك المعركة ولم نسمع عن اية مقاومة لماري ضد "حمورابي" فيما بعد(28).