يذهب أنصار الموقف الأول إلى القول أن العلاقة التي تربط الذات بالغير هي علاقة صراع ، ومن بين اصحاب هذا الإتجاه نذكر الفيلسوف الألماني هيجل الذي إتخد من مفهوم الصراع أساسا لعلاقة الأنا بالآخر ، إذ هو أساس الوعي والوجود والتاريخ ، ويعتبر هيجل أن شرف الإنسان يكمن في كونه وجود لذاته أي وجودا مغايرا ولحظة وعي الإنسان بأنه وجود لذاته يقطع صلته بالطبيعة وأشياءها ، وهذه الرغبة في القطع مع الطبيعة تأخذ شكل صراع ضد الغير من أجل الإعتراف ، فالإنسان يرغب في اعتراف الغير بما هو وجود لذاته ، وهذا الصراع يأخذ مظهرين : بما هو نشاط يقوم به الإنسان على ذاته ، وهو إجراء نمارسه على الغير للدخول معه في الصراع من أجل الإعتراف يقول هيجل : " صحيح أن الفرد الذي لم يخاطر بحياته، ولكنه لا يبلغ حقيقة الاعتراف به كوعي لذاته مستقل. كذلك يكون على كل فرد عندما يخاطر بحياته الخاصة أن يسعى إلى موت الآخر؛ يقودنا هذا الصراع إلى جدلية العبد والسيد : موقف العبد الذي يتنازل عن الصراع خوفا من الموت ، في مقابل موقف السيد الذي كان مستعدا لمواصلة الصراع والتضحية بحياته ، بحيث يرفض أن يكون غير ذاته ، فيختار الوجود على نمط الأشياء أي وجودا في ذاته ، وبهذا ينحذر السيد إلى أحط درجات الرغبة ويجعل التدمير شرط علاقته بالطبيعة ، وفي المقابل يدخل العبد في صراع جديد مع الطبيعة فيقوي تاريخيا إرادته وهكذا يستعيد إنسانيته التي فقدت في الصراع فيكون عبدا للسيد وسيدا على الطبيعة والسيد سيدا على العبد وعبدا للطبيعة يقول هيجل : " تتمثل عملية تقديم الذات لنفسها أمام الآخر بوصفها تجريدا خالصا لوعي الذات، وهذه العملية مزدوجة: يقوم بها الآخر كما تقوم بها الذات. وأن يقوم بها الآخر معناه أن كلا منهما يسعى إلى موت الآخر. وأن تقوم بها الذات يعني أنها تخاطر بحياتها الخاصة بواسطة الصراع من أجل الحياة والموت. إنهما مجبران بالضرورة على الانخراط في هذا الصراع يبين هيجل في جدلية العبد والسيد أن العلاقة بين الأنا والآخر قائمة على الصراع الذي يؤدي في النهاية إلى تفاعل الذوات الإنسانية ودخولها في علاقات جدلية ، فالذات لن تأخذ مكانها في الوجود إلا باعتبارها السيد أو العبد وهذا الصراع يكون مستمرا في الزمان والمكان بما أن كل ذات تسعى إلى انتزاع الإعتراف بشكل دائم أي أن العلاقة هي علاقة صراع وقوة وهيمنة وهي جوهر الوجود البشري العلائقي والتفاعلي. ومن من منظور هيجلي نجد ألكسندر كوجيف يؤكد هو الآخر على أن العلاقة مع الغير هي دائما علاقة صراع، لأنها تقوم على مبدأ الهيمنة، فكل منهما يسعى إلى موت الآخر، فيصبح أحدهما سيدا والآخر عبدا، إن الوجود البشري في نظره لا يتحقق كواقع اجتماعي إلا عبر الصراع بين سيد مسيطر وعبد خاضع وفي هذا يقول : « التاريخ ينبغي أن يكون تاريخ تفاعل السيادة والعبودية « . فكل من السيد والعبد يحاول كينونيا واجتماعيا وميتافيزيقيا أن يحقق وجوده وحياته وحريته عن طريق الصراع الجدلي والمخاطرة لتفادي الموت والاندثار. فالسيد لا يمكن أن يحافظ على مكانته الاجتماعية والمصيرية إلاَّ بالصراع مع العبد والانتصار عليه. وينطبق هذا على العبد الذي لا يمكن أن يحقق ذاته إلاَّ بالصراع مع السيد من أجل أن يفرض ذاته. والمقصود من هذا أن الصراع الجدلي هو السبيل الوحيد لتحقيق: الوعي والوجود الحقيقي للذات. ولا يتأتى هذا الوجود إلاَّ عبر الصراع مع الآخر. فوجود العبد مقترن بوجود السيد، ووجود السيد أيضا مرتبط بوجود العبد