حجّة الوداع على كثرة ما خطب النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على منبره في المدينة المنوّرة وغيرها؛ إلا أنّ خطبة حَجّة الوداع الّتي ألقاها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في حجّته المباركة؛ نالت قدراً كبيراً من الاهتمام والمتابعة لمضامينها، ذلك أنّها كانت شاملة ومشهودة؛ على عكس ما كانت عليه خطب الجمعة مثلًا؛ فقد كانت قصيرة محدودة معدودة؛ تعالج قضيّة واحدة أو اثنتين، وهذا المقال يتناول حَجّة الوداع من جوانب متعدّدة، وغير ذلك: لماذا سميت حجة الوداع بهذا الاسم؟ سُمّيت حجة الوداع بهذا الاسم لِما ورد عن ابن عمر -رضي الله عنهما- بسَندٍ صحيحٍ: (وَقَف النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يومَ النَّحرِ بينَ الجَمَراتِ في الحَجَّةِ التي حَجَّ بهذا، وقال: (هذا يومُ الحَجِّ الأكبَرِ)، فطَفِقَ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يقولُ: (اللَّهمَّ اشهَدْ). فقالوا: هذه حَجَّةُ الوَداعِ). [١] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كنا نتحدث بحجة الوداع والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا،٢] وفي رواية: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (وقف النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حجّ بهذا، فطفق النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: اللهمّ أشهد، فقالوا: هذه حجّة الوداع).٣] قال ابن حجر: "قوله: "ولا ندري ما حجّة الوداع"؛ كأنّه شيء ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- فتحدثوا به، وما فهموا أن المراد بالوداع وداع النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى وقعت وفاته -صلى الله عليه وسلم- بعدها بقليل، وعرفوا أنَّه ودّع الناس بالوصية التي أوصاهم بها: أن لا يرجعوا بعده كفاراً، وأكدَّ التوديع بإشهاد الله -تعالى- عليهم بأنَّهم شهدوا أنَّه قد بلغ ما أرسل إليهم به،