طويل القامة نحيلها وروّي الجبهة والعينين. علي ذلك كان يتمتع بحيوية مرحة وتلتمع عيناه بنشاط وابتهاج. وقال أحد الشهود فيما بعد إنه كان عليه أن يتراجع بسرعة وإنه لو فعل ذلك لنجا رغم سرعة السيارة، ندّت عن الرجل صرخة كالعواء وفي ذات الوقت انطلقت صرخات الفزع من المارة الواقفين علي التوار، وبسرعة وبدون أن ينظر إلي يساره كما يجب"، خطوات فقط وعينهم لا تتحول عن الرجل ولا تخفي حِدة تطلعها وإشفاقها وقال إنسان:"سيبقي هكذا حتي يموت ونحن لا نفعل شيئا" وبوليس النجدة والإسعاف في الطريق اليه" ومن ركابها تطلعت أعين إلي الضحية في اهتمام وأعين تجنبت النظر في جذع. وتفحص الرجل بنظرة شاملة وسأل الشرطي:"ألم تحضر الإسعاف ؟" ساعة يد، ذلك الذي تحقق له أكبر أمل في الحياة وتسائل الطبيب عثرت علي شيء؟ انزاحت جميعا والحمد لله، وكلما ذكرت الماضي بمتاعبه وكدحه وشقاءه أحمد الله المنان، الذي يثير الدهشة بصمته و انعزاله وارتداده العميق إلي المجهول، كان يتكلم في تليفون الدُكان بصوت مُرتفع، مُكَّور الذقن وأما صلعته فلم يبقي فوق مرآتها إلا جذور شعر أبيض مثل منابت شعر ذقنه، وقد أفصح مظهره عن إهمال صريح نتيجة للسن أو الطبع أو نسيان للذات، مرق من المنفذ ليعبر الشارع إلي ضفته الأخري، ندّت عن الرجل صرخة كالعواء وفي ذات الوقت انطلقت صرخات الفزع من المارة الواقفين علي التوار، وألصق سائق الفورد ظهره بالسيارة من باب الحيطة وراح يخاطب مجموعة من الحفاة أحدقت به علي سبيل المراقبة: "لا ذنب لي، "كل ساعة حادثة من هذا النوع" خطوات فقط وعينهم لا تتحول عن الرجل ولا تخفي حِدة تطلعها وإشفاقها وقال إنسان:"سيبقي هكذا حتي يموت ونحن لا نفعل شيئا" وجاء بوليس النجدة وراء صفارته الحلزونية فاتسعت الحلقة وغادرت القوة السيارة إلي الرجل الملقي وكان الضابط حاسما وحازما، ويملي علي الشاويش:"خمسة وأربعون قرشا من العملة الورقية، وانتقل إلي الجيب الداخلي وما لبث أن قال في فتور:"ثلاثة قروش ونصف عملة معدنية" وتوالي التفتيش وتتابع الإملاء، اليوم تحقق لي أكبر أمل في الحياة"، الجامد كتمثال، وكلما ذكرت الماضي بمتاعبه وكدحه وشقاءه أحمد الله المنان، وحسبت الحسبة فوجدتني أخدم في الحكومة بثلاثة جنيهات،