## المثقفون: سادة الأمم و واجبهم على أنفسهم ومجتمعهم يُعد المثقفون سادة الأمم و قادتها وحراس عزها ومجدها. تُقدّر الأمم مثقفيها وتحتاجهم في أيام الأمن والخوف. في الأيام الأولى، يُرشدونها نحو السعادة ويزودونها بالعلم ليحفظوها على الاستقامة، وفي الأيام الثانية، يحلون لها المشكلات المعقدة ويخرجوها من الأزمات شامخة الرأس ومصونة المصالح. يلعب المثقفون دورًا مهمًا في الحفاظ على التوازن في الأمم و يمنعون أن تنهار الحدود أو تنتهك الحرمات أو تزيغ الأخلاق. يُمثلون ميزان معرفة كل إنسان لمكانته في المجتمع. يُدرك الضعيف منهم مكانته فيتواضع، ويُدرك الطاغي مكانته فتُخيفه عيونهم الحارسة. ولكن، هل تُوجد في الأمة الجزائرية اليوم مثقفون بالمعنى الحقيقي للّكلمة؟ يُعاني الواقع من نقص في عدد و نوعية المثقفين. لا نستطيع زيادة عدد المثقفين إلا بزيادة وعي الأمة بأهمية التثقيف وتوفير الوسائل المناسبة. و لا نستطيع تحسين نوعية المثقفين إلا بتوحيد طرق التثقيف بما يتناسب مع روح الأمة ودينها وتاريخها ولغتها، و بتوحيد الأهواء و التيارات المختلفة في الأمة و بتصحيح نظرتها للّحياة. يقع على المثقفين واجب مهم: إصلاح أنفسهم أولا قبل إصلاح غيرهم، و إكمال نقائصهم العلمية و تطوير مُؤهلاتهم ليصبحوا أهلًا لتثقيف غيرهم. و ثانيا، إصلاح مجتمعهم من خلال التعارف و التقارب في الأفكار و التفاهم في إدراك الحياة و تصحيح وجوه النظر إليها و الاتفاق على معايير قياس الثقافة. يُعد التباعد بين المثقفين و خاصة بين أهل الثقافة العربية و الأوروبية من أبرز الأسباب التي فتحت الباب للّمتطفلين. يُصنف العديد من الناس أنفسهم كـ"مثقفين" بسبب كتابة مقالات في الجرائد أو الخطابة في المجتمع مع افتقارهم للّأخلاق و المعرفة العصرية. و يُعاني الواقع من مثل هذا الظلم للّثقافة من كلا الطّرفين. لذلك، لا يُمكن الاعتماد على مثل هؤلاء في مهام التثقيف لأنهم سيُفسدونها بسبب نقص معرفتهم أو فساد أخلاقهم أو قصر نظرهم و جهلهم بالتطبيق. لن نستريح من هؤلاء إلا عند وقت العمل، عندها ستُظهر القافلة العاملة و المستعدة الحق من الباطل و ستتخلف الّعاطلة و الّغير مُؤهّلة.