لما انتهى من القسم الأول والنوع الأول وهو ما يميز الاسم عن قسيميه الفعل والحرف انتقل إلى النوع الثاني، وثنى به لأنه يأتي أحد جزئي الكلام، لأنه قد يزول الكلام بزواله. بتا فعلتَ: هذا جار ومجرور، ويا افعلي: هذا معطوف عليه، ونونِ أقبلن: معطوف عليه، معطوف على أي شيء؟ ونونِ: هذا بالكسر، معطوف على أي شيء؟ على ياء افعلي، أو على تاء فعلتَ؟ الأول؛ لأن القاعدة أن ما جاء بالمعطوفات بحرف العطف الواو حينئذٍ العطف على الأول، يكون مرده إلى الأول، وأما ثم والفاء فهذه على حسب ما قبلها. فِعْلٌ يَنْجَلِي: فعل: هذا مبتدأ، يعني: يظهر بتا فعلت، فعل: نقول: هذا مبتدأ وهو نكرة، كيف جاز الابتداء بالنكرة؟ ينجلي: هذا خبر، هل نقول: صفة؟ فعل: هذا مبتدأ، ينجلي: يعني: يظهر بتا فعلت، بتا فعلت: جار ومجرور متعلق بقوله: ينجلي، كيف جاز الابتداء بالنكرة وهو فعل؟ نقول: قصد لفظه، حينئذٍ نقول: هل استقام الكلام بتاء فعلت فعل ينجلي؟ واضح الكلام. إذاً: حصلت الفائدة بتقديم الجار والمجرور وإن كان متعلقاً بالخبر، وهذا لا يجوز عندهم لكن للضرورة ولكونه جاراً ومجروراً، فِعل: بكسر الفاء وإسكان العين، الفعل بكسر الفاء: اسم لكلمة مخصوصة، والفعل مسماه: قام يقوم قم، كما نقول: زيد مسمى واسمه اسم، إذاً: الفعل بكسر الفاء وإسكان العين، احترازاً من الفعل بفتح الفاء فهو من الأحداث مصدر، لكن المكسور في اللغة فِعْل، يعني: يأتي بمعنى اسم المفعول كما ذكره في الكشاف: (( وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ ))[الأنبياء:73] يعني: مفعولات الخيرات، ومفتوح الفاء مصدراً له بحسب الاصطلاح، يأتي المصدر منه فِعْلٌ وفَعْلٌ. وأما عند النحاة فلا، فرقوا بينهما مجرد اصطلاح، ما مصدره؟ قالوا: الفَعْلُ، فِعْلٌ يَنْجَلِي يعني: يظهر ويتضح ويتميز عن أخويه بأربع علامات ذكرها متوالية، هذه قالوا: يتعين القصر هنا للوزن، ولكن هنا يتعين فنقول: لغة فيه، ولا نقول إلا من أجل بيان أنه لا بد منه للوزن. وفعلت: مضاف إليه، فلما قصد لفظه صار علماً، فعندنا مضاف ومضاف إليه، يعني: بتا الفاعل، سواء كانت مضمومةً نحو فَعَلْتُ، أو فعلْتِ؟ يجوز الأوجه الثلاثة، وروي في روايةٍ مختلف في تصحيحها: بتا فعلْتُ على أنها بالضم. على كل هذا أو ذاك قل ما شئت؛ حينئذٍ أقول: بتا فعلْتَ. أي: بتا الفاعل، أو مخاطباً نحو: تباركتَ يا الله، أو مخاطبةٍ نحو: قمتِ يا هند بكسرها، فحينئذٍ مراد الناظم هنا لو قلنا بأحد الأوجه بتا فعلتُ، هل المراد به خصوص التاء المضمومة أو المراد به ما هو أعم؟ أعم؛ لأن ثم فرقاً بين المخاطب والمتكلم، فحينئذٍ إذا قيد اللفظ بحركة معينة ولا بد من تقييده نقول: بتا فعلتُ المضمومة على جهة الخصوص أو المراد به العموم؟ الثاني: المراد به العموم. إذاً: ليس مراد الناظم بقوله: بتا فعلتَ خصوص التاء سواء كانت مضمومة أو مفتوحة على الوجهين، سواء كانت مفتوحة أو مضمومة أو مكسورة من ذكر الملزوم وإرادة اللازم على طريق الكناية أو المجاز المرسل، ومثل ذلك يقال في قوله: وَيَا افْعَلِي وَنُونِ أقْبِلَنَّ ، ويا افعلي: الياء هذه المراد به ياء الفاعل، افعلي: هذا فعل أمر، هل ياء الفاعل خاصة بفعل الأمر؟ لا، افعلي: هذه ياء الفاعل، إذاً كونه أضاف يا إلى افعلي، هل هو لخصوص افعلي أو المراد به الأعم من ذلك فيشمل المضارع؟ الثاني، حينئذٍ يكون فيه مجاز. وأقبلن: مضاف إليه، إذاً النون التي في أقبلن وهو فعل أمر هل هي خاصة به أم تدخل على المضارع؟ تدخل على المضارع، إذاً: لم يقصد الناظم بقوله: تا فعلت خصوص تاء الفاعل المفتوحة أو المضمومة على حسب النطق، ولم يقصد يا افعلي: خصوص الفعل فعل الأمر، ولم يقصد بقوله: نون أقبلن خصوص فعل الأمر، ثم المراد بتاء الفاعل هنا. المراد بتاء الفاعل التاء الدالة بالمطابقة على من وجد منه الفعل أو قام به أو نفي عنه، لأنك تقول: ضربتُ، هذا إسناد الضرب إلى من أحدث الفعل، أنا أوقعت الضرب على غيري متعدي، متُّ الحدث أين؟ قام بي أو أقمته على غيري؟ قام بي، إذاً: يشمل الاثنين النوعين، سواء كان متعدياً إلى الغير ضربتُ، لأن الفاعل سواء كان قائماً به أو واقعاً عليه، وضربتُ فعل وفاعل، فُعِل الضرب أو لا؟ لم يفعل، أين الفعل؟ نقول: هذا سيأتينا في بابه، أن المراد به مجرد اصطلاح فحسب، فحينئذٍ إذا قال: ما ضربت زيداً، وليس عندنا حدث أصالةً؟ نقول: هذا من باب الاصطلاح كما سيأتي في محله. إذَاً: تاء الفاعل المراد بها التاء الدالة بالمطابقة على من وجد منه الفعل، وما مت، بخروج التاء اللاحقة لكان وأخواتها، لو قيل: المراد بتا فعلت هنا، كنت، تاء الفاعل، هل المراد بالفاعل هنا الذي أوجد الفعل؟ الجواب: لا، بل هي اسم كان، ويعرب مجازاً على أنه فاعل. إذاً: ليس المراد الفاعل الاصطلاحي للزوم القصور عليه بخروج التاء اللاحقة لكان وأخواتها، ولزوم الدور حيث عرف الفعل هنا بقبول تاء الفاعل، وهذا سيأتي في موضعه، وهل المراد به الفاعل اللغوي؟ من هو الفاعل اللغوي؟ كل من أحدث الحدث، أو قام به الحدث، أو نفي عنه الحدث. إذاً: لا بد من التفسير ولذلك قلنا: أنه مجاز إما من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم. من ذكر الملزوم وإرادة اللازم، فحينئذٍ ماذا نقول هنا بتا فعلت؟ هل نقول: الفاعل الاصطلاحي أو الفاعل اللغوي، أو لا هذا ولا ذاك؟ نقول: لا هذا ولا ذاك، لكن من حيث الاتصال وعدمه ما يصدق عليه تاء الفاعل أعم من الفاعل الاصطلاحي وأعم من الفاعل اللغوي، مع أنها لا تسمى فاعلاً عند النحاة، ما ضربتُ زيداً، التاء: هذا ليست بفاعل لغوي، مع أنها فاعل اصطلاحي، لأننا لو وقفنا مع اللفظ فأدخلنا وأخرجنا فحينئذٍ خرجت بعض الألفاظ ودخل ما لا يراد. ولا يرد التاء في نحو: ما قام إلا أنت، أنتَ بفتح التاء، لماذا؟ لأنها لم تدل بالمطابقة، أو نفي عنه الفعل، على مذهب البصريين، أن الضمير هو: أن، بقي الإشكال في ماذا؟ أن هذه تا فعلت هذه تدخل ليس. (( لَسْتَ عَلَيْهِمْ ))[الغاشية:22] وبها استدل على فعليتها خلافاً لمن أنكره: (( لَيْسُوا سَوَاءً ))[آل عمران:113] إذاً: هي فعل، لست. وإنما تدل على نفيٍ فحسب، لأنه لا يفهم منها حدث، إذا كان لا يفهم منها حدث كيف نقول: (( لَسْتَ عَلَيْهِمْ ))[الغاشية:22] والتاء هذه تاء الخطاب فهي تاء الفاعل؟ ليس عندنا حدث أصلاً. في هذا التركيب: (( لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ))[الغاشية:22] لست، اللهم إلا أن يراد بالفعل ما يشمل مدلول الخبر، وهذا يرجع إلى المصطلح. وأما دخول اللاحقة لعسى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ) ، نقول: عسى فعل الصحيح، لماذا؟ لاتصال تاء الفاعل بها، الحدث، وليس المراد به الفاعل الاصطلاحي ولا الفاعل اللغوي، بتا فعلت، وهذه تدخل على ماذا، تاء الفاعل تتصل بماذا، من خواص الفعل الماضي دخول أو قبول تاء الفاعل به. فلأن الفاعل لا يكون إلا مستتراً، وأما المضارع؛ لا، بتا فعلت. والتعليل السابق فيما بعده. يعني: عطف على ماذا؟ بتا فعلتَ، وبتاء أتتْ، قلنا: تا فعلتَ: مضاف ومضاف إليه، هل هو معطوف على تاء أو معطوف على المضاف إليه. حينئذٍ إذا عطفناه على المضاف صار لا بد من التقدير بتا فعلت، أو على فعلت. على جعل التاء في قوله: بتا، من استعمال المشترك في معنييه، بتا فعلتَ: مضاف ومضاف إليه، إن عطف على المضاف. على تاء حينئذٍ لا بد من التقدير، يعني: وتاء أتت، وإن عطف على المضاف إليه حينئذٍ بتا: يكون لفظاً مشتركاً بين التائين. مثل تنوين التمكين، من إضافة الدال إلى المدلول؛ تأنيث ماذا؟ تأنيث الفاعل، هذا على المشهور، لماذا اتصلت به؟ للدلالة على تأنيث الفاعل، ضَرَبَت هند. إذاً: أنث الفعل هنا واتصلت به تاء التأنيث للدلالة على تأنيث نائب الفاعل. ( وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ))[التحريم:12] كانت. التاء هذه تاء التأنيث الساكنة، اتصلت بالفعل كان للدلالة على ماذا؟ على تأنيث الفاعل؟ لا، على تأنيث نائب الفاعل؟ لا، ولذلك نقول: الأولى أن يقال: تاء التأنيث الدالة على تأنيث المسند إليه، إذاً: المراد بها تاء التأنيث الساكنة، وهذه الساكنة صفة لتاء، أصالةً، وضع للدلالة على ما ذكرناه. قامت هندٌ، والتاء، وقال بعضهم: بل تاء التأنيث اسم، وهذا خرق للإجماع، لماذا؟ لأن المبدل منه: يجوز إسقاطه ويستغنى عنه بالبدل، والتاء: ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل، وهندٌ: بدل منه، لا يلتفت إليه. نحو: أتت هندٌ، أي: تأنيث الفاعل تأنيثاً معنوياً، والأحسن المسند إليه، وقد اتصلت به تاء تأنيث ساكنة، لماذا؟ لأن التاء هنا لتأنيث اللفظ، والتي تعتبر علامة على الفعلية هي تاء التأنيث المعنوي، فحينئذٍ ليست علامةً على الفعلية بل دخلت الحرف، وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئيمِ يَسُبُّني احترزنا به عن المتحركة في المثالين السابقين، ورُبَّةَ. أصالةً: نقول: هذا قيد لهذا القيد، لكن للإدخال، والاحتراز بالساكنة عن المتحركة، وبالأصالة عن الحركة العارضة، أما المتحركة: فإن كانت حركتها حركة إعراب فهي خاصة بالاسم، نحو: مسلمة، نقول: هذه تاء التأنيث متحركة أصالةً. متحركة أصالةً بحركة إعراب، ونلحقها بما ذكرناه سابقاً، هذا متى؟ إذا كانت تاء التأنيث متحركةً أصالةً. هل تختص بالفعل؟ إذا كان حركتها حركة بناء: لا حول ولا قوة، قوة: هذا مؤنث أو لا؟ مؤنث، والتاء هنا محركة لكن حركتها حركة بناء، على لغة من فتح. وإذا كانت حركتها حركة بنية فحينئذٍ تدخل على الفعل، حركتها حركة. زيدٌ، جاء زيدٌ، وإنما سكن التاء الفعلي للفرق بين تائه وتاء الاسم، ولم يعكس لئلا ينظم ثقل الحركة إلى ثقل الفعل، هذا تعليل، قيل: مسلمةٌ. فاطمةُ تحركت، والاسم خفيف والحركة ثقيلة، أعطي الخفيف الذي هو الاسم الثقل الذي هو الحركة، وأعطي الثقيل الذي هو الفعل الخفيف الذي هو السكون، سلوكاً مسلك التعادل والتناسب، فإن تحركت على جهة العرب، نقول: هل يخرجها على كونها علامةٍ أو لا؟ الجواب: لا، نحو ماذا؟ نحو: (( قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ ))[يوسف:51] قالت: هذا الأصل أنها ساكنة، التقى ساكنان، التاء والميم، ماذا نصنع؟ نحرك التاء بالكسر على الأصل بالتخلص من التقاء الساكنين. (( قَالَتِ امْرَأَةُ ))[يوسف:51] وهذا واضح بكسر التاء لالتقاء الساكنين. أمةٌ، ألقيت الحركة على التاء وحذفت، إذاً: هذه الحركة على التاء حركة عارضة، قال: فعل ماضي، وإذا قلت: قالتِ امرأة. منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة التخلص من التقاء الساكنين، لا مضموماً ولا مكسوراً. قالتُ امة. (الهندان رمتا)، رمى: إذا اتصلت به تاء التأنيث، ثم تاء، حينئذٍ حذفنا الألف، أليس كذلك؟ فقيل: رمت. لو كانت هذه الحركة معتبرة، إذ لو كانت أصالةً، لرجعت الألف، لأننا نقول: رمتا. رمت: حذفت الألف للتخلص من التقاء الساكنين، طيب!ورمتا، ليس عندنا ساكنان، في اللفظ ليس عندنا ساكنان، فلو كانت هذه الحركة معتبرة لرجعت الألف، وإن كانت غير إعراب فلا تختص بالفعل، بل تكون في الاسم نحو: لا حول ولا قوة إلا بالله، وهذه كما سبق حركة بناء. وفي الفعل نحو هندٌ تقوم، هندٌ تقوم، التاء هذه تاء تأنيث، وحركت بماذا؟ بالفتح، هل حركتها حركة بناء أو بنية؟ نقول: بنية، لماذا؟ لأنها في أصل الكلمة، لا وزيدت عليها التاء، لعل. لعلَّة، ورُبَّة وثُمَّة، وما عداها فعلى الأصل. وبهاتين العلامتين. المراد بها تاء الفاعل على جهة العموم الذي ذكرناه، وكلا العلامتين علامة على الفعلية، فعلية الفعل الماضي، بقي هل هي فعل أم حرف؟ عند الفارسي ونحوه أنها حرف، لماذا؟ لأنها لا تدل على حدث. وإنما هي لمجرد النفي، مثل ما النافية، وما النافية حرف باتفاق. وهذا الأصل في الفعلية، ثانياً: كونها تتصل بها وهو الشاهد معنا. كونها تتصل بها تاء الفاعل، هذا الأصل فيها، ليس: هذه فعل بدليل ماذا؟ بدليل اتصال تاء الفاعل بها، وأجاب الفارسي: بأن لحاق التاء لليس لشبهها بالفعل في كونه على ثلاثة أحرف، وبمعنى ما كان، لكن هذا التعليل ضعيف، وهنا اتصال التاء باللفظ من جهة اللفظ، وعلى من زعم من الكوفيين حرفية عسى، قياساً على لعلَّ، وبالثانية رد على من زعم من الكوفيين كالفراء اسمية: نعم، وبئس. ونعم، ولأن ما اتصل بها من الألفاظ مقدم على المعاني، ليس وعسى، عست هندٌ مفلحةً. ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ ))[محمد:22] تاء الفاعل، أليس كذلك؟ تفتح التاء، هل صليتم. هل زكيتم؟ إلى آخره، وأما في المخاطب المفرد، هل صليتَ. هل زكيتَ؟ تكون بالفتح، هذا تنبيه، تاء التأنيث الساكنة بنعم وبئس، بئست المرأة دعدٌ. وهل تتصل به تاء التأنيث الساكنة؟ هذا محل النزاع، لأنه يقال: تباركت أسماء الله، وقيل: تبارك تقبل التائين، بتَا فَعَلْتَ وَأَتَتْ وَيَا افْعَلِي. أتت: هذه نقول التاء: تاء التأنيث الساكنة، تتصل بكل فعل ماضٍ إلا أربعة أنواع، ثانياً: حبذا في المدح، لا يقبل تاء التأنيث ولا تاء الفاعل. خلا وعدا وحاشا، جاء القوم ما عدا زيداً. ما عدا هنداً. لا يقبل التأنيث. الرابع: كفى، في قولهم: كفى بهندٍ، لا تقل: كفت بهندٍ؛ وهندٍ ما إعرابه؟ كيف نعربه؟ كفى: فعل ماضي، بهندٍ: الباء حرف جر زائد، وهندٍ: فاعل مرفوع، صحيح؟ فاعل مرفوع، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. ( مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ ))[المائدة:19] بشيرٍ: فاعل مرفوع، أليس كذلك؟ يعني: توكيد، بل هي مشتركة بين فعل الأمر: اركعي، نقول: هذا فعل أمر، أنتي تقومين، الياء هذه ياء. ما نوعها؟ ياء المخاطبة، ويشترك في لحاقها الأمر والمضارع نحو: قومي يا هند، وأنتي يا هند تقومين، فهي مشتركة بخلاف تا فعلت وأتت، ولم يقل: ياء الضمير، أو ياء المتكلم للحوقهما الاسم والفعل والحرف، مر بي أخي فأكرمني، دخل عليها حرف الجر، ليست من خواص الفعل، مر بي: اسم مجرور بالباء، ياء المتكلم: مر بي أخي فأكرمني، مثال واحد يشمل الجميع. إذاً: ياء المتكلم ليست خاصةً بالفعل ولا بالاسم ولا بالحرف، بل يدخل عليها الحرف وتضاف وكذلك تنصب، فأكرمني: هنا اتصلت به ياء المتكلم، وتعالي: بفتح اللام اسما. فعلي أمر، فهات بمعنى: ناول، هذه الأفعال هاتي وتعالَ هل هما اسما فعْلِ أمر، أو فعْلُ أمر؟ الصواب الثاني، وتعالي يا هند، وعلى حذف النون إن خوطب بهما مؤنث، فقوله: ويا افعلي، أي: لا خصوص للاحقة للأمر وإن أوهمته العبارة، هل المضاف إليه قيد في المضاف، هل هو قيد، يعني: ياء افعلي متصلة بفعل الأمر احترازاً عن غيره، عطفاً على تاء، يعني: بنون أقبلن، يعني: ونون التوكيد الثقيلة أو الخفيفة نحو: أقبلن، أقبلنَّ: هذا فعل أمر اتصلت به نون التوكيد الثقيلة، هل اتصال نون التوكيد الثقيلة خاص بفعل الأمر؟ الجواب: لا، وإن أوهمته عبارة المصنف، بل هو عام، وأما لحاقها اسم الفاعل في قوله: أَشَاهِرُنَّ بَعْدَنَا السُّيُوفَا وقوله: أَقَائِلُنَّ أَحْضِرُوا الشُّهُوْدَا ، فهذا شاذ لا يعول عليه، يعني: يحفظ ولا يقاس عليه، وسهَّلَه مشابهته للمضارع لفظاً ومعنىً. إذاً: هذه أربع علامات للفعل، لكن المصنف هنا قال: فعل ينجلي، هل أراد خصوص فعل، أم أطلقها مشتركة ثم فصل بعد ذلك؟ الثاني، قال السيوطي في جمع الجوامع: جميع ما ذكره الناس من علامات الفعل بضع عشرة علامة، ثانياً: ياؤه، ثالثاً: تاء التأنيث الساكنة، خامساً: السين، سادساً: سوف، ثامناً: النواصب لن. يعني: لن وأخواتها، تاسعاً: الجوازم، عاشراً: أحرف المضارعة، وَقَبْلَ يَا النَّفْسِ، رابع عشر: تغيير صيغته لاختلاف الزمان. أكثر ما قيل في ما يميز الفعل عن قسيميه الاسم والحرف هو وجود واحد من هذه العلامات، بل قد يقبلها بعضها والبعض لا يقبله كما ذكرناه في الاسم. على الإعراب الذي ذكرناه، وهو لم يجعله على الإعراب المشهور. ينجلي الفعل، سوى ماذا؟ سوى الاسم والفعل، لأنه قال: علم من هذا التركيب أن الحرف سوى الاسم والفعل، ليس بصحيح، لماذا؟ لأنه لا فائدة فيه، لأن سوى الاسم والفعل معلوم من قوله: واسم وفعل ثم حرف، ولا شك أن الاسم سوى الفعل، وأن الفعل سوى الاسم، لأن سوى بمعنى: غير، وكذلك الحرف سوى الاسم والفعل. لأنه ذكر خمساً للاسم وأربعاً للفعل فهي تسعة، ما لا يقبل علامات الاسم ولا علامات الفعل –الحرف-، هذا مراد المصنف، هو يريد أن يبين ماذا؟ هل أراد أن يبين أن الحرف قسم للاسم والفعل، أم ما يميز لنا الحرف عن غيره؟ الثاني، وإذا فسرنا سواهما: سوى الفعل والاسم حينئذٍ رجعنا إلى الأصل، وهذا نقول: فاسد؛ وإنما المراد هنا: ذكر علامة تميزه عن غيره. هذا مراده، سوى، يعني: غير، فما مر بك من لفظ ولا تدري هل هو اسم أو فعل أو حرف أدخل عليه علامات الاسم، فإن لم يقبل شيئاً من علامات الفعل فاحكم عليه بأنه حرف، لماذا؟ لأن القسمة ثلاثية حصر لا رابع لها، وهو أنه حرف، لكنها ليست عدماً مطلقاً بل عدماً مقيداً، العدم المطلق لو أحلناه على شيء مجهول غير معروف، علامة ماذا؟ هذا عدم مطلق، والعدم كاسمه عدم ليس بشيء، والحرفُ ما ليستْ لهُ عَلامَهْ ليس المراد ما ليس له علامة؟ لا، واضح هذا؟ إذاً: سواهما الحرف. ما إعراب سواهما الحرف؟ مبتدأ وخبر، والحرف معرفة، فإذا كان كذلك فهو المحكوم عليه، وهو أولى. فحينئذٍ كيف نجعل: سواهما معرفةً ونجوز الوجهين؟ عرفتم الإشكال، سوى. قلنا: هذه نكرة مضافة إلى الضمير فاكتسبت التعريف، هذا الظاهر، وغير: خبر، السكون مضاف إليه معرفة أو لا؟ معرفة، وغير: نكرة، لماذا؟ لأنها وقعت بين ضدين، غير: مضاف، هنا: سواهما، يعني: سوى قابلي علامات الاسم والفعل، إذا كان التقسيم محصوراً في ثلاثة أنواع فحينئذٍ صارت القسمة مقابلة: اسم وفعل يقابلها الحرف، مثل الحركة والسكون، فإذا كان كذلك حينئذٍ صح أن يقال: بأن سوى هنا اكتسبت التعريف من الضمير، وهذا هو الظاهر. أي: أي سوى قابلي العلامات التسع المذكورة الحرف، والحرف مبتدأ مؤخر؛ وقلنا: التسع المذكورة لماذا؟ لأننا لو عممنا في العلامات وجعلناها شاملةً للعلامات التي لم تذكر هنا لكان في الكلام إحالة على مجهول، يعني: لماذا نقول: التسع، سوى قابلي العلامات التسع؟ لأننا لو قلنا: سوى قابلي علامات الأسماء والفعل، قلنا: الأسماء علاماتها أكثر من ثلاثين، وهذه أكثر من الأربعة التي ذكرها المصنف، ففيها إحالة على مجهول، لكن نقول: هذه الإحالة مغتفرة هنا؛ لأنها إحالة على المُوَقِّفْ، يعني: المعلِّم، كما ذكرناها، قلنا: هذا ليس بمطرد، يعني: العلامة هنا ليست بمطردة قد يقبل بعضها علامات ولا يقبل الآخر، بل قد لا يقبل علامةً البتة، بعض الأسماء قد لا يقبل شيئاً من العلامات، هل عدم قبوله لشيء من العلامات ينفي اسميته؟ نقول: لا، لماذا؟ لأن عندنا شيئين يميز الاسم عن الفعل والحرف، أولاً: الحد فنطبق الحد، ولو لم يقبل شيئاً من العلامات، كذلك القول في الفعل. يعني: وذلك كهل، قسم لنا الحرف إلى ثلاثة أقسام؛ إما أن يكون مشتركاً بين الاسم والفعل، ويدخل على الفعل، إذاً: هذا التعداد هو مقصود لبيان هذه الأنواع الثلاثة، حرف مختص عامل. مختص بالاسم عامل. وحرف مختص بالفعل وهو عامل.