شهدت عشرينيات القرن العشرين في تونس نشأة أول حزب سياسي منظم، وهو الحزب الحر الدستوري التونسي، وأول حركة نقابية، وهي جامعة عموم العملة التونسية. تطور الحركة الوطنية خلال هذه الفترة مدفوعاً بظروف داخلية وخارجية. داخلياً، شهدت البلاد استنزافاً للطاقات البشرية بسبب المجهود الحربي الفرنسي، واستئنافاً للاستعمار الزراعي، وإغراق السوق بالبضائع الأجنبية، وسن قانون الثلث الاستعماري، إضافةً لأزمة اقتصادية واجتماعية حادة نتيجة سنوات الجفاف ومنافسة البضائع الأجنبية، مما أدى لمظاهرات كبرى (مثل مظاهرة 5 أغسطس 1920). أما خارجياً، فقد أثرت المبادئ الويلسونية والثورة البلشفية والحركات الوطنية في تركيا ومصر على تعزيز الوعي الوطني. أما مظاهر تطور النضال الوطني فتمثلت في نشأة الحزب الحر الدستوري، الذي أصدر كتاب "تونس الشهيدة" وقدم عدة وفود إلى باريس للمطالبة بالحكم الذاتي، مع التركيز على إصلاحات دستورية واجتماعية واقتصادية. واجه الحزب ضغوطاً من سلطات الحماية، التي شجعت الانشقاقات وفرضت قوانين قمعية أدت لركود الحركة. أما جامعة عموم العملة التونسية، فقد تأسست نتيجة تدهور الأوضاع الاجتماعية للعمال، وإضراباتهم في صيف 1924، إلا أنها واجهت معارضة من اتحاد النقابات الفرنسية وسلطات الحماية، وانتهى بها المطاف إلى الاندثار. باختصار، شكلت عشرينيات القرن العشرين مرحلة أساسية في تطور النضال الوطني التونسي، رغم القمع الذي واجهه.