لم أكن أعرف أن لموتها رائحة الكافور، وحبات الهيل فناجين القهوة المرة. لم أكن أعرف أن لموتها رائحة العدم، امي مخلوقة عذية شفافة، لأعماقها لون القطن الأبيض فكيف يليق أن يجلل السواد ثيابنا لموتها كيف يكون عزاؤها عبثا تجول فيه الضحكات خلسة خلف الأبواب؟ كيف يكون عزاؤها ساحة لالتهام موائد الأرز وحبات الزبيب وقطع اللحم ؟ لماذا الأشداق مفتوحة لليوم الثالث على التوالي. وتدور معها أيامنا حين كنا نقطن زقاقا ضيقا. . شابة أرملة وبناتها . مدخله رطب مظلم، تسمع فيه أحيائلا بكاء اختي وقد شبت النيران في ملابسها المبتلة بزيت الكازه كانت تغسل ثيابنا في ظلمة الدهليز، ولم تعد أمي لها حقائب السفر، وعبرة في العين. لم يكن هناك رائحة كافور ولا مسك، ولا فناجين القهوة المرة. وفي الليل كانت تجفف دمعتنا بحكاية، يشرب الشاي معنا، ثم يسافر. من مدرستنا. ملابسنا، وتنظف احذيتنا، تغلفها بالورق الملون والنايلون. وجه أمي شاحب، وجسدها يستلقي فوق سرير أبيض ينوء بهمها هذه المرة أعدت أمي حقائب الرحيل، ولم تشا أن تخبرنا. تاخرت يا أمي. اشتقت إليك يا أمي متى تعودين إلى المدينة؟ غسلت بيت أمي بدهن العود عطرت جنباته وأركانه، لمن غير أمي يكون هذا الاحتفال ؟ العجل هذا الاثنين الذي لايأتي، كم أترقبه وأتملقه لياتي.