هذا المبدأ يقتضي محاسبة كل فرد على الأفعال والتصرفات التي يقوم بها، وهذا يتطلب العديد من الإجراءات والقواعد التي تحكم تصرفات الأفراد داخل المجتمع وتضمن حقوقهم. ومن ضمن هذه الإجراءات نجد تدابير الوضع تحت الحراسة النظرية كإجراء ذو أهمية كبيرة في إطار قانون المسطرة الجنائية، وبالرجوع إلى القانون المغربي نجد أن المشرع لم يعرف الحراسة النظرية بشكل دقيق ومباشر، بينما عرفها الأستاذ أحمد الخمليشي بأنها ''احتفاظ ضابط الشرطة القضائية في مركز عمله بالمشبوه فيه لحاجيات البحث التمهيدي أو تنفيذ الإنابة القضائية''. و80 من ذات القانون (بالنسبة للجرائم غير المتلبس بها) بمقتضاه يسمح لضباط الشرطة القضائية إبقاء شخص أو عدة أشخاص (وهم المعدودون في المادة 65 من قانون المسطرة الجنائية، وسواء كانوا مشبوها فيهم أم شهود أم غيرهم ممن وجد في مكان الجريمة كمن أريد مجرد التحقق من هويتهم. بينما يسمى في التشريع المغربي ب ''الحراسة النظرية''، وفي موريتانيا يسمى ب ''الإيقاف''، وفي لبنان ''الاحتجاز رهن التحقيق''. كما عرفها المجلس الأعلى بأنها ''الفترة التي يقضيها المتهم في الحجز الإداري تحت إشراف ومراقبة الضابط المكلف بالبحث'' وتعتبر الحراسة النظرية أخطر منطلق يبدأ منه الصراع بين حرية الفرد الموضوع رهن الحراسة النظرية وبين حق الدولة في الكشف عن الجريمة. لذلك اهتم القانون المغربي بضبط هذا الإجراء المهم والخطير الذي يمارسه ضباط الشرطة القضائية، كما لا يفوتنا في هذا الصدد الإشارة إلى أن الحراسة النظرية أفرزت العديد من المواقف الفقهية بين مؤيد ومعارض، إما حالة جعل شخص حرا، يبدو من خلال ما سبق أن الحراسة النظرية تشكل نوعا من الضغط الذي تمارسه السلطات القضائية على الشخص المشتبه به للإدلاء بتصريحاته، ولكشف علاقته بالجريمة، غير أنها قد تكون وسيلة قهر، وأحيانا قد تكون غير عادلة، خاصة إذا كان الشخص الموضوع رهن الحراسة النظرية بريئا. وهذا ما جعل المشرع المغربي يسعى إلى تحقيق أكبر قدر من الحماية القانونية للأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية. بالرجوع إلى الاجتهادات القضائية التي لها علاقة بالحراسة النظرية والمقتضيات القانونية المنظمة لها نجد أن هذا الموضوع يحظى بأهمية كبيرة نظرا لارتباطه بحقوق الأفراد وحرياتهم من جهة،