سنة ثانية ماستر تنظيمات ادارية وسياسية، تقرير حول الملتقى الوطني الموسوم ب:"العدالة التصالحية في التشريع الجزائري والانظمة المقارنة" بادر قسم الحقوق بجامعة باتنة 1 الحاج لخضر، وقد تضمن العديد من المداخلات التي القاها مجموعة من الاساتذة من مختلف الجامعات الجزائرية (حضوريا وعن بعد). كما تخللت المداخلات نقاشات متنوعة عملت على اثراء الموضوع. مدير الملتقى الوطني: أ. المشرف العام للملتقى: أ. تُعد العدالة التصالحية في التشريع الجزائري والأنظمة المقارنة إحدى القضايا المثيرة للجدل في العديد من التشريعات. فقد أظهر المشرع الجزائري توجهًا واضحًا مؤخرًا نحو السياسة التصالحية. أثارت العديد من الإشكاليات بين المؤيدين والمعارضين لها. السبب في ذلك هو أن العدالة التصالحية قد تتعارض مع مبادئ راسخة في القانون الجنائي، مثل مبدأ عدم التنازل عن الدعوى العمومية ومبدأ تلقائية الدعوى العمومية. أصبحت العدالة التصالحية فكرًا جديدًا في مجال الدعوى الجزائية، أشارت رئيسة الملتقى إلى أن موضوع العدالة التصالحية في التشريع الجزائري يطرح إشكاليات متعددة انطلاقًا من ثقافة المجتمع الجزائري، لاسيما في المدن الداخلية التي تفضل اللجوء إلى العدالة التصالحية على اللجوء إلى القضاء. خصوصًا فيما يتعلق بمسألة اكتظاظ السجون والمصاريف المرتفعة في هذا القطاع. بأن الملتقى يتضمن مداخلات ذات الأبعاد المتعددة ستتناول هذا الموضوع من زوايا مختلفة، لتصب في نهاية المطاف في توصيات تسهم في ترشيد وحوكمة هذه المؤسسات. ثم احيلت الكلمة للأستاذ قادري حسين رئيس مخبر الامن الانساني الواقع، الذي دعا للعودة إلى الجذور والتقاليد الأصيلة للمجتمع الجزائري في حل النزاعات من خلال اعتماد العدالة التصالحية، واعتبرها مواءمة بين الموروث التقليدي والواقع الحالي، ثم تهنئة رئيسة الملتقى على حسن اختيارها للموضوع ولم ينسى ان يرحب بالحضور بذكره للأساتذة كل باسمه كما رحب بالطلبة الموجودين في القاعة. حيث طرح إشكالية ما إذا كانت العدالة التصالحية يمكن اعتبارها بديلا كليا للقضاء أم لا؟ وأشار إلى أن هناك بعض الجرائم البسيطة التي يمكن معالجتها خارج إطار القضاء التقليدي عبر المصالحة. وبرئاسة الاستاذة مباركي دليلة التي اعطت بدورها الكلمة لصاحب المداخلة الاولى بعد ان تحدثت بدورها وبإيجاز عن اهمية المصالحة في حياة المجتمعات. المداخلة الاولى: كانت للأستاذ بخوش رزيق، التي أبرز من خلالها أن ممارسة الصلح والعدالة التصالحية لها جذور عميقة في المجتمع الجزائري المستمدة من تعاليم الإسلام التي تحث على حل النزاعات بالطرق السلمية قبل اللجوء للقضاء. المداخلة الثانية: للأستاذ بوهنتالة ابراهيم، كان واضحًا منذ البداية أن المتحدث يرى عجزًا وفشلاً في العدالة التقليدية الممثلة بالقضاء في حل الكثير من النزاعات بشكل نهائي. لذلك فرضت العدالة التصالحية نفسها كبديل أمثل لحل هذه النزاعات وتجاوز عيوب العدالة التقليدية. وانتقل المتحدث بعدها للمقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي في التعامل مع مفهوم العدالة التصالحية. فقد سبقت الشريعة الإسلامية القانون الوضعي في تبني هذا المفهوم واعتماده كخيار أساسي لحل النزاعات المدنية والجنائية على حد سواء، بناءً على النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تؤكد أفضلية التصالح. ولم يلجأ لطرق بديلة كالوساطة والصلح والتحكيم إلا مؤخرًا، المداخلة الثالثة: للأستاذة عبدي سليمة، على اعتبارها اسباب دفعت السياسة الجنائية للبحث عن بدائل مثل العدالة التصالحية (الصلح بين الأطراف) وبديل الدعوى العمومية بالتراضي. تناولت المتحدثة العدالة التصالحية بين الجاني والمجني عليه من خلال نقطتين رئيسيتين: الصفح عن الجاني والمصالحة من قبل النيابة العامة. يتعين على النيابة تحريك الدعوى حتى يتمكن المجني عليه من الصفح عن الجاني مما يضع حدًا للمتابعة الجزائية، باستثناء حالات معينة كجرائم التعنيف ضد الزوجة حيث قد يخفف الصفح من العقوبة فقط. فلديها سلطة تقديرية للجوء للمصالحة مع الجاني بدلاً من تحريك الدعوى العمومية، تناولت المداخلة العدالة التصالحية من جانبين رئيسيين: في حين أن الصفح في حالات أخرى كجرائم التعنيف ضد الزوجة قد يؤدي فقط إلى تخفيف العقوبة وليس إنهاء المتابعة. تحال القضية إلى قاضي الأمور الجزائية للحكم بغرامة مضاعفة، مع إمكانية طلب تخفيضها لدى الإدارة المالية التي تحيله بدورها إلى القاضي. كما تمت الإشارة إلى آلية الوساطة كشكل من أشكال العدالة التصالحية في بعض الجنح المحددة، باستثناء ما يعرف بـ "العفو الشامل" الذي لجأت إليه الجزائر لأسباب أمنية، المداخلة الرابعة: (مداخلة عن بعد) للأستاذة خلفة نادية بعنوان "العدالة التصالحية والعدالة الانتقالية. ترى الاستاذة خلفة انه يوجد لبس كبير بين مفهومي العدالة التصالحية والعدالة الانتقالية، فهي تتناول المجتمع بأكمله وعلاقته مع النظام الحاكم أو في فترات الحروب والنزاعات الواسعة النطاق. إلا أنهما تتفقان في العديد من النقاط وتتكاملان في بعض الآليات المعتمدة لتحقيق العدالة. من الضروري فهم الفروق والتداخلات بينهما لتطبيقهما بشكل صحيح وفعال. هدفها إعادة بناء الثقة في المجتمع والوصول إلى تسوية بين الجاني والضحية، كما تسعى العدالة الانتقالية إلى الإصلاح القانوني والإداري والدستوري للمؤسسات، إلا أنهما تشتركان في اعتمادهما على لجان المصالحة والوساطة التي تأتي من المجتمع المدني وتعمل تحت مظلة مؤسسات تنشئها الحكومات والسلطات الحاكمة. هذه اللجان هي القلب النابض للعدالتين، فكلتا العدالتين تعتمدان على آليات الحوار والتفاوض والوساطة، بهدف التوصل إلى نتائج تصالحية ترضي الأطراف المتنازعة أو المتخاصمة، تسعى هاتان العدالتان إلى إعادة الثقة وتحقيق المصالحة من خلال آليات كالتعويض والجبر وإصلاح المؤسسات، بالرغم من الاختلافات الجوهرية بين العدالة التصالحية والعدالة الانتقالية، 1. الاعتماد على آليات الرصد والتوثيق والتقارير حول عملياتهما، سواء كانت جنائية عادية أو انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية. وقد خرجت الدراسة بتوصيات تتمثل في: - التركيز على تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني لضمان التواصل والحوار بين جميع الأطراف وتجديد التجارب والآراء. - توفير التدريب والتأهيل للأطراف الاجتماعية المتوسطة في عمليات التصالح. المداخلة الخامسة: للأستاذ حاجي عبد الحليم (مداخلة عن بعد) عنوانها "العدالة التصالحية في الجزائر بين الامل والتعقيدات" الإشكالية المطروحة هي حول مدى جدوى العدالة التصالحية كخيار لتحقيق المصالحة والسلام، لذلك يجب التركيز على إصلاح العلاقات المتضررة وتعزيز المصالحة من خلال المشاركة والحوار وطلب التسامح. العدالة التقليدية تركز على العقاب بدل المصالحة العدالة التصالحية تتميز بمجموعة من الخصائص المهمة: - التركيز على المصالحة بدلاً من العقاب - تشجيع مشاركة الأطراف المتضررة في العملية - دور الوساطة المحايدة لضمان تجسيد الحوار والتفاوض - الحوار البناء كوسيلة للتفاهم وتقديم وجهات النظر المختلفة - التسامح كطريقة للتعايش والخروج من المشاكل - الاهتمام باحتياجات الضحايا - تحمل المسؤولية عن الأفعال المؤذية - المشاركة الفعالة لجميع الأطراف دون استثناء لكن نجاح العدالة التصالحية يتطلب توافر الشروط التالية: - الإرادة السياسية القوية تدعم هذه العدالة التصالحية. - توفير إطار قانوني متين وسليم. - امتلاك مهارات وخبرات في مجال الوساطة - توفير مراكز تدريبية متخصصة - نشر الوعي بأهمية العدالة التصالحية التأطير الغير كاف في مجال الوساطة مخاوف بشأن التأثير على سيادة القانون. المداخلة السادسة: "بعنوان المصالحة الوطنية كآلية للاستقرار الامني: الجزائر أنموذجا" للأستاذ احمد بيطام. حيث برز على الساحة حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ الذي فاز بأغلبية مقاعد البلديات والولايات في انتخابات 1991. قام الرئيس آنذاك اليامين زروال بإصدار قانون الرحمة عام 1995، والمرسوم الرئاسي 06/93 المؤرخ في 2006 والمتعلق بتعويض ضحايا الأزمة الوطنية. معبرين عن تطلعهم للاستقرار والأمن بعد العشرية السوداء التي عصفت بالبلاد. بهدف الانتقال من وضع تميز بالتعذيب والقتل وانعدام الأمن إلى وضع جديد يسوده الاستقرار واحترام حقوق الإنسان. لقد كانت هذه الخطوة بمثابة استجابة للتطلعات الشعبية في استرجاع الأمن والاستقرار، واوضح الاستاذ الاجراءات والسبل المتبعة لاسترجاع الامن والاستقرار في الجزائر في إطار العدالة الانتقالية وذلك بانطلاق الخطوات الأولى بتحريك الدعوى العمومية من خلال الأمر 06/01 المنفذ لميثاق السلم والمصالحة الوطنية، كما تم منح تعويضات للضحايا المدنيين والأطراف المسلحة التي استجابت للدعوة، في إطار ما يُعرف بالعدالة الانتقالية التي تهدف إلى معالجة تداعيات الماضي والانتقال إلى مرحلة جديدة خالية من العنف والنزاعات. يقر صاحب المداخلة انه من المعلوم أن النظام التقليدي للعدالة الجنائية كان قائماً على مركزية السلطة في المادة الجنائية واحتكار عملية الإدانة والمحاكمة من قبل ممثل المجتمع وهو النيابة العامة، حيث أن النظام التقليدي يستنزف ميزانية الدولة بينما العدالة التصالحية تؤدي إلى ترشيد الإنفاق وتحويل الأموال إلى مشاريع تنموية أفضل بدلاً من بناء السجون. حيث طرحت عدة تساؤلات فرعية حول تعريفها ومقتضيات ظهورها كبديل للعدالة الجنائية التقليدية، موزعة على ثلاثة محاور رئيسية هي: تحديد مدلول العدالة التصالحية ومقارباتها المعرفية المختلفة، وتكييف طبيعتها القانونية بين كونها عدالة اتفاقية أو فكرة إجرائية، الأمر الذي يسمح برشادة العمل القضائي بمنع العمل الإجرامي والسرعة في الفصل في المنازعات. توجت الدراسة في الختام بمجموعة من النتائج يمكن تلخيصها على النحو التالي: العدالة التصالحية في أصلها تؤسس لثقافة جديدة قائمة على محورية الاعتقاد من المحاكمة إلى الوفاق والتوافق بين أطراف الجريمة وكل من تضرر منها. العدالة التصالحية تؤدي بالضرورة إلى الانتقال من العدالة الاحتكارية المركزية الاختصاص الحصري المتمثل في النيابة العمومية إلى آلية التعددية غير مركزية قائمة على المشاركة بين هذا الفاعل التقليدي والجاني والضحية وكل شخص تضرر من السلوك غير المشروع. العدالة التصالحية بمنطقها وأسسها تجاوزت فكرة الجزاء للحفاظ على النظام العام وتحقيق الرضعة الخاص والعام حسب العدالة التقليدية إلى بناء فكرة التضامن والتآلف بين أفراد المجتمع. يجب تشكيل فرق تفكير متعددة التخصصات، تضم في صفوفها خبراء من مختلف المجالات ذات الصلة، كالقانون والشريعة وعلم الاجتماع، فعليه مراعاة الجرائم المتعلقة بالهوية الوطنية والمساس بقداسة الدين، والاطلاع على الصعوبات التي واجهتها لتجاوزها. في الختام خرجت الدراسة بمجموعة من التوصيات المتمثلة في: يجب تشكيل فرق تفكير متعددة التخصصات، تضم في صفوفها خبراء من مختلف المجالات ذات الصلة، كالقانون والشريعة وعلم الاجتماع، _ فعليه مراعاة الجرائم المتعلقة بالهوية الوطنية والمساس بقداسة الدين، والاطلاع على الصعوبات التي واجهتها لتجاوزها. المداخلة الثامنة: مداخلة حضورية للأستاذ خليفة موراد، تتمحور الفكرة المركزية حول إيجاد جسر يربط بين حقوق الإنسان واسترداد عائدات الفساد، فغالبًا ما نجد النظم الديكتاتورية أو العسكرية القمعية التي تنتهك حقوق الإنسان، مثل شركة البترول البرازيلية التي تم استرداد الكثير من أموالها المنهوبة باستخدام العدالة التصالحية، كجنوب إفريقيا ونيجيريا في عهد الرئيس السابق أباشا، انه هناك بعض الدول التي سنت نصوصًا تشريعية ذات صلة بموضوع العدالة التصالحية واسترداد الأموال. بينما أشار إليها المشرع العراقي بطريقة ضمنية عندما أصدر قانون العفو، فهناك نصوص تتعلق بإعداد المصالحة الجزائية لاسترجاع الأموال العامة. المداخلة التاسعة: مداخلة عن بعد للأستاذ عبد الفتاح بلهامل بعنوان "استخدام التكنولوجيا في نظام العدالة التصالحية: الوساطة والتفاوض أنموذجا" لا بد للمجال الثقافي من مواكبة هذا التقدم وإيجاد مكان له ضمن هذه التطورات. بينما لا تزال دول أخرى في بداياتها المتعثرة بسبب العوائق التي تواجه تطبيق تكنولوجيا المعلومات والثورة الرقمية. وتكمن مزايا هذه الطريقة في برنامج آلي يعمل بسرعة ويوفر الجهد والوقت ويقلل النفقات، تمثلت في ضرورة توفير السرية الإلكترونية والتكنولوجيا الآمنة، والبحث عن حلول بديلة للمنازعات من خلال إنشاء منصة إلكترونية. تم بعدها مباشرة افتتاح جلسة المناقشة للسادة الحضور، وضرورة حرمان المجرمين العائدين من الانتفاع بأساليب العدالة التصالحية عند تقنين صور العدالة التصالحية في القانون الجزائي حفاظا على امن المجتمع. 2. إضفاء نوع من الحجية القانونية على أساليب العدالة التصالحية التقليدية (نظام الجماعة) لتشريع اللجوء إليها في فض النزاعات. كون الأخير يقوم على الرضائية المتبادلة على خلاف الصفح الذي قد تتعرض فيه الضحية للضغط والتهديد من المتهم. 4. الاستفادة من تجارب الدول التي لها السبق في إعمال صور العدالة التصالحية. 5. إقامة ندوات علمية وفرق بحثية للبحث في سبل إرساء فكرة العدالة التصالحية وضمان تحقيق الأهداف المرجوة منها. 6. استحداث سلك الوسيط القضائي الجزائي لتولي إجراء الوساطة بدلاً من وكيل الجمهورية الذي يعتبره الفقه الجزائري طرفاً في التنازع الجزائي. احتضنت كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة باتنة 1 فعاليات الملتقى الوطني الموسوم بـ "العدالة التصالحية والتشريعات المقارنة"، والذي نظمته فرقة "الأمن الإنساني منظور قانوني" التابعة لمخبر الأمن الإنساني: الواقع، جرت أنشطة الملتقى حضوريًا وعن بعد تحت رئاسة الدكتورة رقية عواشرية، الجلسة بكلمة شكر وتقدير لرئيس المخبر، وأعضاء اللجنتين العلمية والتنظيمية، وكافة الحضور والمشاركين حضوريًا وعن بعد. واعدًا بالسعي لطبع أشغال الملتقى لتعميم الفائدة، نظرًا لأهمية هذا الموضوع واعتباره من المواضيع المفتوحة على مختلف التخصصات، كما جدد شكره لجميع الأساتذة المساهمين بتدخلاتهم القيمة. أعلن الدكتور قادر حسين رسميًا اختتام أشغاله للسنة الجامعية 2023-2024. هذا السمح لنا بتحليل التشابهات والاختلافات الجوهرية بين هذين النظامين القانونيين، وكيفية تطبيق هاتين العمليتين في سياقات ما بعد الصراعات والانتقال السياسي. هذا منحنا رؤية متوازنة لتقييم الجوانب الإيجابية والسلبية لهذا النظام، هذا فتح لنا آفاقاً جديدة لفهم كيفية استخدام التقنيات الحديثة لتعزيز فعالية وكفاءة هذه العملية. هذه بعض التفاصيل الإضافية حول الاستفادة التقنية التي حصلنا عليها من خلال حضورنا لملتقى العدالة التصالحية، والتي تغطي جوانب مثل الأسس الشرعية،