نهار الخميس جنوباً هو لسوق بنت جبيل، بوابة لبنان التجارية على فلسطين والسوق المشتركة بين البلدين قبل عام 1948، وكان يؤمها كبار تجار الحبوب من حوران وفلسطين، وكذلك تجار المواشي من حلب وحمص والبقاع اللبناني وفلسطين، وتجار السلع من طرابلس وبيروت وعكا ويافا والقدس، وتجار الخضراوات والفاكهة من الزبداني ويبرود في سوريا، وغدت ملتقى القوافل التجارية من كل حدب وصوب. يقول العلامة السيد محسن الأمين (1865- 1952) في كتاب "خطط جبل عامل"، إن سوق بنت جبيل "هو نظير سوق النبطية، وهذان السوقان أعظم أسواق جبل عامل وأهمها، وإذا دخل الداخل إليها يسمع ضجيج الأصوات بشكل هائل وهما يقامان من مئات السنين ولا يدرى مبدأهما"، لكن مصادر تاريخية تنسب نشأة سوق بنت جبيل إلى القرن 17. ويضيف السيد الأمين، "كانت الليرة الفلسطينية هي العملة المتداولة في سوق بنت جبيل، كان التعامل بالليرة اللبنانية ضعيفاً، وبعد نكبة فلسطين أصبحت الليرة اللبنانية تأخذ مكانها في الأولوية في السوق إلى أن أصبحت العملة الوحيدة المتداولة بعد سنة 1950". أدى الواقع الإسرائيلي المستجد إلى إغلاق الحدود بين البلدين، وخسرت السوق أكثر من نصفها لسنوات طويلة. وبسبب قربها من الحدود، تعرضت سوق الخميس إلى ضغط كبير وإلى قصف مدفعي في أحيان كثيرة من قبل الإسرائيليين، خصوصاً بعد سيطرتهم المباشرة على المنطقة من عام 1978 وحتى عام 2000، وكانت تتعرض للإقفال التام في أوقات عديدة، بعد تعرضها للقصف المباشر سنة 1976 في منتصف النهار وسقط فيها عديد من الضحايا المدنيين، مما أدى إلى تراجع نشاط السوق وزخمه. وعلى الرغم من استعادة السوق نشاطها الكبير بعد عام 2000، فقد أصيبت بنكسة كبيرة، إذ تعرضت مساحات السوق والأبنية المجاورة إلى تدمير كلي في "حرب تموز" 2006 (بين "حزب الله" وإسرائيل)، واحتاجت وقتاً كبيراً قبل استعادة هيكلتها، إنما لم تسترجع زخمها المعتاد بعد اقتصار روادها على أبناء المنطقة والجوار، في ظل هجرة دائمة سجلت لأبناء بنت جبيل، داخلية واغترابية، فاقت نسبة 60 في المئة من عدد سكانها الأصليين. وقد أقفلت السوق تماماً منذ بداية المعارك الأخيرة على الحدود، منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بسبب تعرض بنت جبيل للقصف المدفعي وغارات الطيران الحربي الإسرائيلي ونزوح معظم سكانها. ومع الحرب أقفلت أسواق عديدة تجري في مختلف أيام الأسبوع وتوازيه، وقد نشأت هذه الأسواق في العقود الأخيرة نتيجة الأوضاع الأمنية المتنقلة في مناطق الجنوب، وهي: سوق الأربعاء في الطيبة وميس الجبل، الخميس في الخيام، الجمعة في العديسة، السبت في كفركلا ومجدل سلم، الأحد في برج الملوك – القليعة. إلى سوق الجمعة في تبنين والإثنين في شقرا، والثلاثاء في حاريص قبل الظهر وفي يارون بعد الظهر، والأربعاء في دير انطار في قضاء بنت جبيل، وكذلك أسواق قضاء صور: السبت في جويا وفي عيتيت، والأحد في قاناـ والثلاثاء في معركة، والأربعاء في البازورية، والخميس في البرج الشمالي والجمعة في العباسية. وكذلك سوق الجمعة في جباع وأنصار في قضاء النبطية اللتين نشأتا على هامش ما كانت تتعرض له النبطية من قصف وتهجير.