الصلة بين الأخلاق من جهة والعقيدة والعبادة والنظم الإسلامية من جهات أخرى: كل تشريعات الإسلام لها مقاصد أخلاقية عظيمة، ارتباطا وثيقا، فمن أمثلة ارتباط الأخلاق بالتشريعات الإسلامية. أولا: ارتباط الأخلاق بالعقيدة وهذا غاية العدل والحكمة؛ لأنه وضع العبادة في موضعها الحق والسليم. والامتثال لتطبيقها سلوكيا. وهناك نصوص شرعية كثيرة تربط الإيمان بالأخلاق الفاضلة، فمن ذلك: ١- قال الله عَزَوَجَلَّ: (( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [البقرة: ۱۷۷]. - قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( لا إيمان لمن لا أمانة له، ٤ - قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((الإيمان بضع وستون شعبة، أفضلها: لا إله إلا الله، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن))، قيل: من يا رسول الله ؟ قال : الذى لا يأمن جاره بوائقه. ٦- قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرقها وهو مؤمن)). ثانيا: ارتباط الأخلاق بالعبادات: أصول العبادات كلها ذات مقاصد أخلاقية، ومرتبطة بها ارتباطا وثيقا : وتنتزع منها البخل والشح، وتزرع فيه حب المساعدة والتكافل، قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةٌ تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بها ﴾ [التوبة: ١٠٣]. والصيام يعوّد النفس على الصبر والكف عن الشهوات، ويرتقي بها إلى التقوى التي هي أصل الأخلاق، قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ۱۸۳]. وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : من لم يدع قول الزور والعمل به؛ فليس الله حاجة فيأن يدع طعامه وشرابه. والحج يعود النفس أيضًا على الصبر، وكذلك التواضع وعدم التكبر على الناس، والابتعاد عن المعاصي والجدال، وكذلك بذل المال في سبيل الله وعدم البخل والشح. ثالثا: ارتباط الأخلاق بالنظم الإسلامية: أرسى الإسلام دعائم الأخلاق في نظمه الأخرى، ومن بعض النماذج لارتباط الأخلاق ببعض النظم الإسلامية: في مجال الاقتصاد والتجارة : نهى الإسلام عن تملك الثروة وتنميتها من طريق غير مشروع فيه استغلال لحاجات الناس وظلمهم؛ فحرم الربا والميسر وأكل أموال الناس بالباطل وظلمهم. أمر الإسلام بالاعتدال والتوسط وعدم الإسراف والتقتير، قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [الاسراء: ۲۹]، وقال تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الاعراف: ٣١]. وفي مجال الأسرة: أمر الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى ببر الوالدين، فقال تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الاسراء: ٢٣، ٢٤]. وأمر الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى بمعاشرة الزوجة بالمعروف؛ فقال تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: ۱۹] ، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((استوصوا بالنساء خيرا فأنهن عوان عندكم)) وأخبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن خيار الناس هم خيارهم لنسائهم؛ فقال: ((خياركم:خياركم لنسائهم)). ورغب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برحمة الأبناء؛ فعن أبي هريرة رضي اللَّهُ عَنْهُ قال: قبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحسن بن علي رضي اللَّهُ عَنْها وعنده الأقرع بن حابس، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدًا ، فنظر إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ((من لا يرحم لا يُرحم)). وفي مجال السياسة والحكم : أمر الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى بأداء الأمانات إلى أهلها، والحكم بين الناس بالعدل ؛ ولذلك حينما شفع أسامة بن زيد في المرأة المخزومية التي سرقت ؛ قال النبي صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أتشفع في حد من حدود الله؟ إنما هلك من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وسائل اكتساب الأخلاق الفاضلة واجتناب الأخلاق السيئة هناك وسائل عديدة لاكتساب الأخلاق الفاضلة، ٢ - الالتزام بأداء العبادات والفرائض. ٣-قراءة القرآن وتدبره وتطبيقه. ٤ - التدريب العملي على تطبيق الأخلاق الفاضلة؛ كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله،