4/29 19:43] : إنَّ مصطلح التفسير بالمأثور معروف عند العلماء السابقين، وتفسير القرآن بأقوال الصحابة، وتفسير القرآن بأقوال التابعين = مصطلحٌ معاصر. وقد جُعِلَ مصطلح التفسير بالمأثور هذا مقابلاً للتفسير بالرأي؛ أي أنَّ ما لم يكن من التفسير بهذه الأنواع الأربعة، ومما بُنِيَ على هذين المصطلحين من نتائج:تقسيم كتب التفسير على هذين المصطلحين. مناقشة هذا المصطلح] أولاً: في تحديد التفسير بالمأثور في هذه الأنواع الأربعة: 4/29 19:45] : اجتهادٌ، وهو قابل للأخذ والردِّ، وأقدم من رأيته نص على كون هذه الأربعة هي التفسير بالمأثور الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني (ت:١٣٦٧)، ثم جاء بعده الشيخ محمد حسين الذهبي (ت:١٣٩٧)، فذكر هذه الأنواع الأربعة تحت مصطلح (التفسير المأثور)،  فقال: «يشمل التفسير المأثور: ما جاء في القرآن نفسه من البيان والتفصيل لبعض آياته، وما نُقِلَ عن التابعين، 4/29 19:46] : بتقسيماته الأربعة. لذا فإنَّ كثرة وجوده في كتب علوم القرآن المعاصرة، أو غيرها من كتب مناهج المفسرين، وتحديد زمنٍ معيَّنٍ إنما هو اصطلاحٌ. فكيف يكون تفسير القرآن بالقرآن مأثوراً، وأنت ترى الله يَمُنُّ عليك بتفسير آيةٍ بآيةٍ، عن من أَثَرَ ابن كثيرٍ (ت:٧٧٤) تفسيراتِه القرآنيةِ للقرآنِ؟! وكذا محمد الأمين الشنقيطيُّ (ت:١٣٩٣) في كتابه أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، عمَّن أَثَرَ تفسيراتِه القرآنيةِ للقرآنِ؟! أم كان من التابعين، أم كان ممن جاء بعدهم، والاجتهاد عرضة للخطأ، ولا يقبل إلاَّ إذا حَفَّتْ به شرائطُ القبولِ، كأيِّ اجتهادٍ علميٍّ آخر (١). 4/29 19:47] : ومن هنا يجب أن تُفَرِّقَ بين كون القرآن مصدراً من مصادر التفسير، أو أنه أحسن طرق التفسير، وبين كون التفسير به يُعدُّ من التفسير بالمأثور، والفرق بين هذين واضحٌ. لقد عَلَّلَ محمد حسين الذهبي (ت:١٣٩٧)لسبب إدخال تفسير التَّابعين في المأثور، بل ضمَّنت ذلك ما نقل عن التابعين في التفسير» (٢). 4/29 19:48] : وإذا تأمَّلت هذه العِلَّة التي ذكرها، وجدتها أنها تندرج على مفسِّري أتباع التابعين؛ كابن جُريج (ت:١٥٠)، وهي تفسير القرآن بالقرآن، ثم بأقوال الصحابة، ومما يبيِّنُ أنهم اعتمدوا على ما قاله شيخ الإسلام ابن تيميَّةَ (ت:٧٢٨) وغيَّرُوا المصطلحَ من «طرق التفسير» إلى «التفسيرِ بالمأثور» أنهم حكوا الخلاف في كونِ تفسير التابعين يُعَدُّ من التفسيرِ بالمأثورِ أو لا يُعدُّ، قال الزرقانيُّ 4/29 19:48] : (ت:١٣٦٧): «وأمَّا ما ينقل عن التابعين ففيه خلاف بين العلماء: منهم من اعتبره من المأثور؛ وقال محمد حسين الذهبي (ت:١٣٩٧):«وإنما أدرجنا في التفسير المأثور،  ما رُوي عن التابعين ـ وإن كان فيه خلاف: هل هو من قبيل المأثور أو من قبيل الرَّأي؟ ـ لأننا وجدنا كتب التفسير المأثور ـ كتفسير ابن جرير وغيره ـ لم تقتصر على ما ذكر مما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، بل ضمنت ذلك ما نقل عن التابعين في التفسير» (٢). والأصلُ الذي نقلا منه ـ وهو رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية (ت:٧٢٨) ـ جاء فيه ما يأتي: «وقال شعبة بن الحجاج وغيره: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة، فكيف تكون حجة في التفسير؟ يعني أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم. ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن والسُّنَّةِ، أو أقوال الصحابةِ في ذلك» (١). وإذا وازنت بين هذه النُّقولِ تبيَّنَ لك أنَّهم تركوا مصطلحَ «طرق التفسير» إلى مصطلحٍ أحدثوه بدلاً عنه، ثانياً: علاقة المأثور بالرأي: وأنه يجب الاعتمادُ عليه. وهذا الكلام من حيث الجملة صحيحٌ، إلا أنه لم يقع فيه تحديد مصطلح الرأي، وإليك بيانُ ذلك باختصار. إنَّ تسمية هذه الأربعة بأنها مأثور جعل بعض الباحثين الذين اعتمدوا هذا المصطلح يغفل عن وقوع الاجتهاد في التفسير عند السلف، فإذا كان لهم اجتهاد، فهل هو تفسير بالرأي، فهل يُعدُّ تفسيرُه مأثوراً بالنسبة لغيره من الصحابة؟. وإذا كان المفسر المجتهد من التابعين، فهل يُعدُّ تفسيرُه بالنسبة للصحابة مأثوراً؟. لا شكَّ أنَّ الجواب: لا، لكنَّ تفسير الصحابةِ بالنسبة للتابعين وأتباعهم مأثورٌ. وتفسير التابعين بالنسبة لأتباع التابعين مأثورٌ. وتقديمه على غيره؛  لأنَّ في الأمر تفصيل ليس هذا محلُّه ولا يُمكن الخروجُ من هذه إلا إن قال من اصطلح على هذا المصطلح: أنا أريد بالرأي: 4/29 19:51] : الرأيَ المذمومَ، وهذا ما لم يشر إليه من درج على هذين المصطلحين. وتحدَّد في طبقاتِه الثلاثِ(الصحابة والتابعين وأتباع التابعين) كما هو ظاهرٌ من نقولِ المعتنين بكتابة علم التفسيرِ من علماء أهل السُّنة، الذين اعتمدوا النقل أو الترجيح بين الأقوالِ، والاعتماد عليه، وكان لهم مستندهم في الرأي، من القرآن والسنة واللغة وأسباب النُّزول وشيءٍ من مرويات بني إسرائيل، وأحوال من نزل فيهم القرآن . إلخ. وزاد في مصادرهم تفسيرُ الصحابةِ؛ لأنهم جاءوا بعدهم. 4/29 19:51] : ثمَّ جاء أتباع التابعين، وكان الحالُ كما كان في عهد التابعين، كما هو ظاهر من كتب التفسير التي نقلت أقوال السلف. وكان تفسيرُ كل طبقة بالنسبة لمن جاء بعدهم مأثوراً، لكنه لا يحملُ صفة القبولِ المطلقِ لأنه مأثورٌ فقط؛ لأنَّ فيه جملة من الاختلاف التي تحتاج إلى ترجيح القول الأولى = بل له أسباب أخرى مع كونه مأثوراً.  فإنَّ التفسيرَ المأثورَ عن السلف على قسمين: القسم الأول: المنقول المحض الذي لا يمكن أن يرد فيه اجتهاد، والقسم الثاني: ما كان لهم فيه اجتهاد، ويظهر فيما يرد عليه الاحتمال من التفسير. وما دام في تفسيرهم رأي، وما نوع الرأي الذي جاء بعدهم؟. فهو من قبيل الرأي المحمود؛ 4/29 19:52] : كما لم يكن عندهم هوى مذهبي يجعلهم يحرفون معاني الآيات إلى ما يعتقدونه، وكانوا يفسرون كلام الله على علمٍ، ووجود قول ضعيف في تفسيرهم لا يعني أنه من الرأي المذموم، أعني بعض تفسيرات مجاهد (ت:١٠٤) لمسخ بني إسرائيل قردة وخنازير، وهي نادرة لا تكاد تذكر. القسم الأول: الرأي المحمود، وهو المبني على علم،  وهو نوعان: النوع الأول: الاختيار من أقوالهم بالترجيح بينها إذا دعا إلى ذلك داعٍ، بشرط أن يكون المرجِّح ذا علم، ولا بدَّ أن يكون المرجِّح على علم بأنواع ما يقع من الاختلاف عنهم، ويكون الخلاف بينهم خلاف عبارة، كما فعل الطبري(ت:٣١٠). النوع الثاني: الإتيان بمعنى جديد صحيح لا يُبْطِلُ تفسير السلف، لا شكَّ في أن المعاني تنتهي، ولكن لا بدَّ من ضوابط في هذا، وأن يكون غير مناقض [أي: مُبطل] لقول السلف، وأن لا يعتقد المفسر بطلان قولهم وصحة قوله فقط. فإذا حصلت هذه الضوابط = صحَّ ـ والله أعلم ـ التفسير الجديد، والله أعلم. وله عدة صور، ويغلب عليه أن يكون تفسيراً عن جهل أو عن هوى، وعلى هذا أغلب تفاسير المبتدعة من المعتزلة والرافضة والصوفية وغيرهم. وبعد هذا يتبين ما يأتي] لأنَّ في هذا نسيان للرأي الواردِ عن السلفِ. لكنه لا يتلاءم مع الاختلاف المحقق الوارد عنهم؛ وفي هذه الحال لا بدَّ من معرفة القول الأولى أو القول الصحيح في الآية، فتكون ممن قال برأيه؟. ٤ - إنَّ ما ورد عن الصحابة أو التابعين أو أتباعهم، بل هو أو غيرها من الأسباب. هذا، بل يطلقُه العلماءُ على ما أثرَ عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أو عن السلفِ، أو عن التابعين (١)، وأحسبُ أنَّ هذه القضيَّة ليست بحاجةٍ إلى نقلٍ لتدعيمِها؛ لكثرةِ ما تردُ في كتب اللغة، ومصطلح الحديث،  فتجد المأثور في اللغةِ: ما نقله الخلف عن السلفِ، وقد يكون اصطلاحاً عند بعضهم على ما أُثِرَ عن الرسولِ صلّى الله عليه وسلّم، وهو في كلِّ هذه الاصطلاحاتِ لم يخرج عن المعنى العامِّ للَّفظةِ. وقد يُسمَّى المأثورُ عنهم بالتفسيرِ المنقولِ، ويقسمونَ أو يُسمَّى المنقولُ عنهم بالرِّوايةِ، والمأخوذُ من طريقِ الاجتهادِ بالدِّرايةِ (٢)، 4/29 19:57] : تفسيرِهم درايةٌ، ثمَّ صار لمن بعدهم روايةً. فإنه يجبُ أن تتنبَّه إلى ورودِ الاجتهادِ عنهم، وأنَّهم صاروا بعد ذلك مصدراً لمن جاء بعدهم، يعتمدُ عليهم، ويتخيَّرُ من أقوالِهم، أو يضيفُ ما صحَّ من المعنى ولم يناقض أقوالَهم. ويمكنُ تلخيصُ هذا الموضوعِ فيما يأتي: ١ - إنَّ القرآن مصدرٌ مهمٌّ من مصادرِ التَّفسيرِ، ولا يُقبلُ التَّفسيرُ به لمجرَّدِ كونِه تفسيرَ قرآنٍ بقرآنٍ، كأن يكونَ من تفسيرِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، أو مما لا يمكنُ الاختلافُ في كونه مفسَّراً بقرآنٍ، أو غيرها من القرائنِ التي تدلُّ على صحَّةِ التفسيرِ به. 4/29 19:58] : وإذا كان التفسيرُ بالقرآن ممن هو دون النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فهو من اجتهادِ المفسِّرِ به، وإنما كان ذلك بسبب الاجتهادِ. وهو ـ لمن جاء بعدهم ـ من أهمِّ مصادر التفسير التي يجبُ الرجوع إليها. فالمرويُّ عن صحابيٍّ ليس كالمرويِّ عن تابعيٍّ، ولا عن تابع تابعيٍّ. والمرويُّ عن جماعةٍ منهم، ليس كالمرويِّ عن فردٍ 4/29 19:59] : منهم، ٦ - إنَّ جملةً من تفسير السَّلفِ تفسيرٌ بالرأي المحمودِ، ولهم في ذلك معتمدَاتٌ؛ ٧ - إنَّ التَّعاملَ مع تفسيرِهم يختلفُ من مثالٍ إلى غيرِه، وفي بعضِ المواطنِ قد يجتهدُ المفسِّرُ ويختارُ من أقوالِهم ما يراه الأصوبَ، ثالثاً: ما ترتب على مصطلح التفسير بالمأثور: لقد ترتَّبت نتائج على مصطلح التفسير بالمأثور فيها خلل علمي، وسأذكر بعض هذه النتائج. الأولى: الحكم على التفسير بالمأثور بأنه يجب الأخذ به. قال مناع القطان: «التفسير بالمأثور هو الذي يجب الأخذ به؛ لأنه طريق المعرفة الصحيحة، وهو آمن سبيل 4/29 19:59] : للحفظ من الزلل والزيغ في كتاب الله» (١). وهذا كلام ينقصه التحرير،  من جانبين: الأول: أن أغلب تفسير القرآن بالقرآن من قبيل الاجتهاد، وهو يدخل في التفسير بالرأي، وقبوله إنما يكون من جهة أخرى لا من جهة كونه مأثوراً فقط، كما سبق بيانه. الثاني: كيف يجب الأخذ بالتفسير الذي يقع فيه الاختلاف بين السلف؟. هل يقبل الاختلاف على إطلاقه، أم في الأمر تفصيل؟ أما قبول الاختلاف على إطلاقه، فلا يُتصوَّر القول به. وأما إذا رجع الأمر إلى اختيار القول الأَولى أو الصحيح، 4/29 20:00] : [الثانية: افتراض وقوع الاختلاف بين المأثور والرأي. جاء في كلام بعض من كتب في التفسير بالمأثور فرضيات عقلية لا تثبت أمام العمل التفسيري، ولا أُخِذَ بها من بعد. عقد عبد العظيم الزرقاني (ت:١٣٦٧) في كتابه مناهل العرفان مبحثاً بعنوان(التعارض بين التفسير بالرأي والتفسير بالمأثور وما يتبع في الترجيح بينهما)، ثم ينبغي أن يعلم أن التعارض بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي المحمود معناه:التنافي بينهما، كأن كلا من المتنافيين وقف في عرض الطريق فمنع الآخر من السير فيه. وأما إذا لم يكن هناك تناف، وإن تغايرا؛ 4/29 20:01] : إذا تقرر هذا، فإن التفسير بالمأثور الثابت بالنص القطعي لا يمكن أن يعارض بالتفسير بالرأي؛  لأن الرأي: إما ظني،  أي مستند إلى دليل قطعي: من عقل أو نقل، ليرجع إلى الرأي المستند إلى القطعي إن أمكن تأويله، جمعاً بين الدليلين. تقديماً للأرجح على المرجوح. أما إذا كان الرأي ظنياً، لكونه خبر آحاد، ولا يقبل الرأي. وإن كان للرأي فيه مجال، فإن أمكن الجمع فبها ونعمت، وإن لم يكن قدِّمَ المأثور عن النبي أو عن 4/29 20:02] : الصحابة؛ أما المأثور عن التابعين، قدم التفسير بالرأي عليه. رجعنا به إلى السمع، فإن لم يترجح أحدهما بسمع ولا بغيره من المرجحات، فإننا لا نقطع بأن أحدهما هو المراد، بل نُنَزل اللفظ الكريم منْزلة المجمل قبل تفصيله والمشتبه أو المبهم قبل بيانه»(١). وأنه يمكن أن يناقضه التفسير بالرأي، وذهب يعمل بطريقة السبر والتقسيم في المحتملات التي يمكن أن ترد في التعارض المزعوم بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي. ولعلك تلحظ فيه روح أحد علماء الكلام الذين يقدمون العقل على النقل في قوله: «إذا تقرر هذا، فإن التفسير بالمأثور الثابت بالنص القطعي لا يمكن أن يعارض بالتفسير بالرأي؛  لأن الرأي: إما ظني،  أي: مستند إلى دليل قطعي من عقل أو نقل، فإن كان قطعياً فلا تعارض بين قطعيين بل يؤول المأثور ليرجع إلى الرأي المستند إلى القطعي إن أمكن تأويله جمعاً بين الدليلين». وبهذا صار حظُّ التفسير بالمأثور أن يكون عرضةً للعقول تؤولِّه على ما تراه مناسباً لها، وليس مقدَّماً عليها. ولا كتب في علوم القرآن لما كان مستغرباً، لكن أن يكون في كتاب من أهم كتب علوم القرآن المعاصرة، فهذا ما يُعجبُ منه!. مع ما تتَّسمُ به ـ من أول وهلة ـ من النظر والتحرير والتقسيم والتحبير 4/29 20:04] : لكنها في الواقع بعيدة كل البعد عن طريقة التفسير ومهيعه المعروف عند العلماء (١). الثالثة: تقسيم كتب التفسير بين المأثور الرأي. كان من أكبر نتائج مصطلحي المأثور والرأي أن قُسِّمت كتب التفسير بين هذين النوعين، ومن ذلك تقسيم محمد حسين الذهبي (ت:١٣٩٧)، والدر المنثور في التفسير المأثور، للفخر الرازي (ت:٦٠٦)، للبيضاوي(ت:٦٨٥)، لأبي حيان (ت:٧٤٥)، وغرائب التنْزيل ورغائب التأويل، وتفسير الجلالين، والسراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الخبير، لأبي السعود (ت:٩٨٢)، للآلوسي (ت:١٢٧٠) (٢). ثم ذكر التفسير بالرأي المذموم، ككتاب تنْزيه القرآن عن المطاعن، وأمالي الشريف المرتضى (ت:٤٣٦)والكشاف، للزمخشري (ت:٥٣٨). ١ - يعدون تفسير الطبري (ت:٣١٠) من كتب التفسير بالمأثور، فالتفسير ينسب إليه، وفيه مصادره التي من أعظمها التفسير المأثور عن السلف، لما أبعد في ذلك. لا إلى مصادره،  قال: «. ولما كان هذا الكتاب كما وصفت [يعني كتاب معالم التنْزيل للبغوي]أحببت أن أنتخب من غُرَرِ فوائدِه، ودُرَرِ فرائده، وجواهرِ فُصوصِه = مختصراً جامعاً لمعاني التفسير، ولباب التنْزيل والتعبير، وفرائد لخصتها من كتب التفاسير المصنفة في سائر علومه المؤلفة، ولم أجعل لنفسي تصرفاً سوى النقل والانتخاب، وحذفت منه الإسناد؛ لأنه أقرب إلى تحصيل المراد . » (١). وأنه قد انتخب من غيره من التفاسير، فإني سأرشدك إلى نظرٍ آخر يبين لك ما يقع فيه الرأي وما لا يقع فيه بناءً على ما ورد في كتب التفسير من المصادر التي اعتمدوها من تفسير للقرآن بالقرآن، أو تفسير لصحابي، أو لمن جاء بعدهم إلى أن تقوم الساعة، أولاً: التفسير الذي لا يدخله الرأي: الثاني: جملة من التفسير المنقول الذي ليس للمفسر فيه إلاَّ النقل، ١ - التفسير النبوي الصريح. وأسماء للمبهمات وغيرها. فلو ورد سبب نزول صريح ضعيف، لأنه يشترط فيها الصحة. يشمل هذا القسم كل التفسيرات التي فيها أكثر من احتمال في المراد من الآية؛ ولهم مصادر معروفة، والسنة، واللغة، والتابعون يزيد عندهم مصدر، وكذا أتباع التابعين يزيد عندهم مصدر،