كان الخطباء من الخلفاء والولاة يخطبون بالمسجد الحرام يوم الجمعة قيامًا على الأرض في وجه الكعبة وفي الحجر، إذ قدم معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- من الشام حاجًا وصحبته منبر من خشب ذو درجات ثلاث خطب عليه بالمسجد الحرام، فكان أول من خطب بالمسجد الحرام على منبر، فأهدى له عامله على مصر موسى بن عيسى منبرًا من خشب ذا درجات تسع ونقش بديع، ولما حج المنتصر بن المتوكل العباسي في خلافة أبيه جُعل له منبر عظيم، وجعل للمسجد بعد ذلك عدة منابر، وعلى علو الأسطوانات الأربع قبة مستطيلة عملت من الخشب القوي، وصفحت بألواح من الفضة مطلية بالذهب الوهاج، وقد مضى على هذه القبة المربعة الشكل 388 سنة ولم يذهب طلاؤها طيلة هذه العصور لكثرة ما طليت به من الذهب، وبعد الخطبة كان ينقل المنبر إلى مكانه بجوار زمزم، فلما أهدى السلطان سليمان إلى المسجد الحرام منبره المذكور بقي مكانه، أزيل كل شيء يعرقل الطواف ومنها المنبر، حيث نقل إلى داخل الرواق العثماني جهة أجياد، وعند خطبة الجمعة ينقل إلى جوار الكعبة، حتى إذا انقضت خطبة الجمعة نقل إلى مكانه داخل الرواق العثماني، وبقي هذا المنبر إلى عام 1400هـ/1980م، وبقيت منه بعض الأجزاء التي نقلت إلى معرض الحرمين الشريفين بأم الجود. وبقي يستخدم للخطابة عليه إلى أن تم تنفيذ تصميم منبر جديد للخطابة يتحرك عن بعد بـ"الريموت كنترول"، وهذا المنبر يجمع بين الأصالة المتمثلة بالزخارف الإسلامية والتقنيات المتطورة،