تشير الموجة النسوية الأولى إلى نشاطات الحركة النسوية الممتدة خلال القرن الثامن عشر. والتي جاءت كاستجابة لاستبعاد النساء من الحياة الاقتصادية والاجتماعية. وتمثلت أهدافها في منح المرأة حقوق المواطنة السياسية. ) فطالبت بحق المرأة في التصويت ودافعت عن حقوقها القانونية والدستورية، وسعت إلى إزالة جميع العقبات القانونية التي تحول دون تكافؤ الفرص فهي موجة المطالبة بحقوق المرأة في التعليم والعمل، وزيادة فرص الالتحاق بالوظائف العليا في المجتمع، وحق المرأة المتزوجة في الملكية وحضانة الأطفال، ويؤرخ لهذه الموجة بظهور مؤلف ماري ولستونكروفت دفاعا عن حقوق النساء" الصادر في عام 1792 وعلى الرغم من أنه قد سبق هذا الكتاب بعض المحاولات كانت بمثابة بدايات مبكرة للنزعة النسوية إلا أن الكتاب السابق شكل أول دعوة لنساء الطبقة الوسطى لتوحيد الصفوف خصوصا الأمهات، ولم تكن "ولستونكروفت" تتطلع إلى أن تهجر المرأة نطاق الحياة المنزلية، فصورة المرأة التي طالبت بها في هذا الكتاب هي امرأة تجمع بين الحيوية والذكاء، وتجمع بين المسئوليات المدنية والمسئوليات الأسرية. وتميزت هذه الموجة من تاريخ الحركة النسوية بتعدد صور النشاط النسوي من عقد للمؤتمرات واللقاءات الدولية، ونشر العديد من المنشورات النسوية، كما استطاعت النسوية أن تفرض وجودها في العديد من دول العالم المتقدم والنامي على السواء. ولعل أهم ما يميز الموجة التسوية الأولى أنه لم يكن لها أطر فكرية تتجاوز حجج المطالبة بحقوق النساء ومساواتهن . لقد حاولت الكتابات النسوية الأولى التصدي إلى ما توارثته الذاكرة الجمعية والفردية من أفكار سلبية عن المرأة من خلال صورة المرأة في التراث اليهودي والمسيحي المرأة أصل الخطيئة، وصورة المرأة في أعمال ومواقف العديد من المفكرين والفلاسفة الغربين تجاه المرأة بدءًا بأفلاطون الذي كان يصنف المرأة في درجة دنيا مع العبيد والأشرار والمرضى، ومرورا بكانط الذي يصف المرأة بأنها ضعيفة في تكوينها ككل، وبخاصة في قدراتها العقلية وفيلسوف الثورة الفرنسية جان جاك رسو الذي يقول: أن المرأة وجدت من أجل الجنس ومن أجل الإنجاب فقط وفرويد رائد مدرسة التحليل النفسي الذي يُرجع كل مشكلات المرأة الحاجتها الجنسية من الرجل، وصولاً إلى الفلاسفة المتأخرين أمثال ديكارت من خلال فلسفته الثنائية التي تقوم على العقل والمادة فيربط العقل بالذكر ويربط المادة بالمرأة". ويفضل الدعوات النسوية خلال هذه المرحلة استطاعت المرأة أن تحقق بعض الانجازات في أرض الواقع أهمها زيادة معدلات التحاقها بالتعليم في المدارس وفي بعض الجامعات، وحقها في التصويت في الانتخابات، كما تمت في ذلك الوقت فرص عمل المرأة في بادئ الأمر في المجالات التي كانت تعد امتدادًا لميدانهن الطبيعي كأمهات، كالعمل بالتدريس والأعمال الخيرية والتمريض والعمل في المجالس المدرسية، وفي مجال الرعاية الاجتماعية. وقد كانت بعض هذه الأعمال غير مدفوعة الأجر للمرأة، إلا أنها أعطتها خبرة قيمة بالعمل الجماعي، وبالرغم من هذه المكاسب إلا أن بقايا فلسفة المجالات المنفصلة ظلت موجودة حتى القرن العشرين، نتيجة للاعتقاد بأن معظم النساء في الأحوال الطبيعية يعيش حياة هادئة في بيوتهن مع أزواجهن وأطفالهن ).