كثيرة هي الفرص التي تفلت من أيدينا ولا نكترث لها. فقال: ولم أجنحته على قدميه؟ فأجابه: لأنه يذهب حا ًلا، وإن ذهب فلا أمل لأحد باللحاق به. إن في حياة الناس مدًّا وجز ًرا فمن استفاد من المد وصل إلى الثروة أما من أهمله فإنه يظل حياته بأسرها في شقاء. فأول ثروة يجب أن نغتنمها هي الفرصة، وكثي ًرا ما نتأسف على فواتها؛ ليكن شعارك دائ ًما: فلنبدأ بالعمل من هذه الدقيقة، فلنثبت في أعمالنا ولا نتنقل من موضوع إلى موضوع، وإن فعلنا فإننا لا نظفر بشيء. قال نابليون: النصر لمن هو أشد ثباتًا. تأمل الشجرة فإنها تعمل عا ًما كام ًلا لتعطيك زهرة عطرة جميلة، فالثبات هو الذي عمل عجائب الدنيا السبع. ليدلوا بذلك على أننا إذا تغلبنا على مصائبنا فإن تلك المصائب تصير أعوانًا لنا. تشبه بإبرهيم لنكلن: ولد في كوخ خشبي، ولم يتح له الدخول إلى المدارس ولا الحصول على كتب، نحيف غريب الشكل يقطع الأشجار ويبني كوخه الخشبي. يتعلم الحساب واللغة على نفسه في المساء، ثمصاربعدماعلمنفسهبالمشقةرئي ًساللولاياتالمتحدة، وأعتقأربعةملاييننفسمنقيدالعبودية. قد تقول لي: مشاغلي كثيرة، وأنا أقول لك: الوقت كثير إذا أحسنا التصرف به، وسأخبرك عن بعض أعظم الأعمال التي أنشئت في أوقات الفراغ. إن الوقت قليل إذا أنفقناه في الثرثرة واللهو، أما إذا تدبرناه برغبة وإرادة فإنه يزيد كثي ًرا عن حاجتنا. كثي ًرا ما نقول في البيت: ما بقي إلى وقت الأكل إلا خمس أو عشر دقائق، فلا وقت لعمل شيء الآن. أما الحقيقة فهي أن أعما ًلا كثيرة عظيمة أتمها فتيان فقراء في فضلات زهيدة من الوقت. فكان ينظم أناشيده الخالدة في بضع دقائق يختلسها من خلال أعماله المتراكمة. وبقي غلادستون طول حياته يحمل في جيبه كتيبًا يطالع فيه كلما سنحت له دقيقة فراغ. إن ساعة تنتزع كل يوم من ساعات اللهو، وتستعمل في ما يفيد تمكن كل امرئ ذي مقدرة عقلية أن يتضلع من علم بتمامه. وساعة واحدة تمكنك من مطالعة عشرين صفحة مطالعة تمعن وفهم، وإذا ثبت على هذا العمل عا ًما تطالع سبعة آلاف صفحة أي ثمانية عشر إن هذه الساعة التي تحصل عليها بسهولة فائقة تصير من هو غير معروف، إن هذه الساعة تحول الحياة الفارغة إلى حياة حافلة بالأعمال المفيدة، فنابليون لم يكن يسمح لنفسه بالنوم أكثر من أربع ساعات. وأخي ًرا أوصيك بالتدقيق وإتقان العمل، ففيهما تبلغ ما تصبو إليه من شهرة وثروة. قال إمرسون: إذا كان امرؤ يجيد تأليف كتاب، فإن الناس يشقون طريقًا نافذًا إلى بيته، فأتقن إذن كل عمل تقوم به، ففي هذا فلاحك ونجاحك، ولا تضع الدقيقة التي قيل من أجلها: الوقت من ذهب.