إن الأقصوصة في الأدب العربي المعاصر فن محدث يقوم على مقومات تفنن الأدباء في استخدامها استخداما ولم يكن الهدف من ذلك غير تصوير الواقع الاجتماعي ولقد ذهب بعض النقاد إلى القول” لئن تفنئن رواد الأقصوصة في استعمال الأساليب الفنية فإنهم قد اشتركوا في معالجة قضايا الواقع الاجتماعي”. فما هي أوجه التفنن في استعمال الأساليب الفنية القصصية؟ وما مظاهر اشتراك كتاب الأقصوصة في معالجة قضايا الواقع الاجتماعي؟ تستند مقولة الموضوع إلى ثنائية الشكل الفني والمضمون الواقعي الاجتماعي في تراوحهما بين تنوع الأدباء في ممارسة المستوى الأول وتوحدهم في معالجة المستوى الثاني. فما أوجه الائتلاف والاختلاف بين كتاب الأقصوصة شكلا ومضمونا؟ وقد تفن كتاب الأقصوصة في تشكيلها على أنحاء مختلفة من الإبداع, والمثل لحظة ارتباطه بالمعلم بداية إلى لحظة التهامه للحلوى وتعوده على العقوبة في سبيل ذلك نهاية دون رجوع وفي مقابل ذلك قد يعمد بعض كتاب الأقصوصة إلى السرد الاستشرافي الاستباقي الذي يتطلع إلى ما ينبغي أن يكون لاما هو كائن كما الشأن في “حكاية الباب” لعز الدين المدني ” يجب عليه أن يخرج قبل خمس دقائق كما تنوعت أساليب القص بين التصوير الاجتماعي الجاد الذي يرصد تفاصيل الواقع بدقة كما “نبوت الخفير” والتصوير الهزلي الساخر في أقصوصة “في شاطئ حمام الأنف” لعلي الدوعاجي إذ يرسم لنا صورة ركاب القطار و رواد الشاطئ والباعة فيه تصويرا كاريكاتوريا طريفا, بباطن الشخصية القصصية فلهذا التنوع ما يحقق الثراء والتناسب بين نسق الأحداث وسياق الحديث دون نمطية في القص وتكرار في أشكاله, فكل كتابة هي تجربة مستقلة بأدواتها ومسالكها لكنها لا تخلو في المقابل من رصيد مشترك في إننا في المقام الثاني من البحث في مواجهة واقع عربي مشترك بين الكتاب , فهم ينوعون العزف على وتر فكانت المواضيع متشابهة في معالجتها لانحرافات الواقع وتناقضاته الصارخة. جانب الأب وخوف وكره من جانب الابن”. وليست معاناة صادق ببعيدة عن هذا الوجه المأساوي , الباب” إذ يبحث عن منفذ لاسترجاع حريته دون أن يفوز بشئ من ذلك, والبواب يستمتعان برحلة شقائه وسعيه السيزيفي من أجل الخروج من الزنزانة قبل نهاية مدة العقاب طويل. كما مثل الانحراف القيمي موضوعا مشتركا بين الأدباء ففي” نبوت الخفير” انحراف عن الرحمة والعفو بإنسانية الإنسان. يبحث عن قيم أصيلة في مجتمع متدهور , تبدو لنا الكتابة القصصية عند رواد الأقصوص ؟ إذن عملا منتجا للتنوع الفني ووحدة الهاجس النقدي الاجتماعي,