ليس فقط تمكين المتعلم من التعبير عن أفكاره لأن اللغة في رأي ابن خلدون "هي عبارة المتكلم عن مقصوده، نتجت الملكة اللغوية لدى العرب القدامى إثر المعايشة المستمرة في البيئة اللغوية العربية، وتكونت بتكرار الاستماع إلى اللغة الفصيحة، حيث يراه قاعدة أساسية لنمو الملكة اللغوية واكتمالها بقوله " إن حصول ملكة اللسان العربي إنما هو بكثرة الحفظ من كلام العرب حتى يرتسم في خياله المنوال الذي نسجوا عليه في تراكيبهم فينسج هو عليه و ينزل بذلك منزلة من نشأ معهم و خالط عبارتهم في كلامهم حتى حصلت له الملكة المستقرة في العبارة عن المقاصد على نحو كلامهم. ابن خلدون بين حياة العلم ودنيا السياسة. إذ يراه الوسيلة المناسبة لاكتساب الملكة بوصفها سمة تؤدي إلى مران اللسان على نطق الأصوات و ترسيخ قوالب التراكيب العربية الأصيلة(المنوال) فيقول "الملكات لا تحصل إلا بتكرار الأفعال لان الفعل يقع أولا وتعود منه للذات صفة، كما يجعل ابن خلدون السماع وسيلة هامة لاكتمال الملكة اللغوية " . فالمتكلم من العرب حين كانت ملكة اللغة العربية موجودة فيهم يسمع كلام أهل جيله، وهكذا َتص َير ْت الألسن واللغات من جيل إلى جيل"4 فاللغة لدى ابن خلدون َم َل َكة تنتج بالتكراروالمران والحفظ مع الفهم وبذلك يكون المتعلم قادرا على التمييز بين الجمل الصحيحة والجمل الخاطئة وامتلاك النطق السليم للغة معينة، إن الرؤية التي استخلصها ابن خلدون حول تدني المستوى اللغوي تنطبق على ما يحدث لملكة اللغة العربية في يومنا هذا، إذ أن ضعف الأداء في اللغة العربية اليوم ترجع أسبابه إلى الازدواجية اللغوية الموجودة في الجزائر إما بين العربية الفصحى واللغة الفرنسية و إما بين العربية الفصحى والعامية،