ماذا وراء الأفق وعن وسائله ومؤهلاته، وما هي الأمال التي حققها أو التجارب التي اكتسبها، وهل اقترب من المثل الأعلى الذي كان يؤثره بالفطرة ويُنير له الواقع والظروف والكفاءة والشعي: طرائقه، أو اللذات، فيما لا يفيد، ولابد أن يَحْكُمَ الإنسان بَعْدَ هذه المراجعة والمحاسبة حكم على الحياة ولا بد أن يَنطِق آلاء، والشك العقل والخيرة النفسية، يَغْلِبُ اليأس على الرَّجاءِ فيغوص إلى الأعماق، حيث الزوابع والأعاصير، وحيث المخاوف والأهوال وحيث الظلام والموت، وينتصر الرجاء فيعلو باليأس إلى الأعالي، وبعد هذه النتيجة ينظر الإنسان في عدده وأدواته وَعَقْلِهِ وعضلاته، ويبني منها ما تهدم ويسن منها ما تأكل وصدى، ولكن الأمم أقوى من الأفراد، فليس هناك أمة تخسر تجارة الحياة، ولكن لها من القوة والمرونة والصبر ما يجعلها تخرج ظافرة كثيرًا إن لم تكن إلى النهاية. وعند تفتحه للحياة، فإذا قام فيها من يرشدها تبعته ونالت الرفعة والمجد. لأنه وطننا ووطن الآباء والأجداد، أليس من الواجب علينا أن تحب هذا البيت العتيق؟ ونحترم ماضيه على ما فيه من عيوب ؟ إن الابن البار لا يكره أياه؛ إن الحيوان ليحن إلى وطنه الذي نشأ فيه وترعرع، وإن الطير ليهفو قلبه إلى سكنه، ولا يهدأ له بال حتى يرجع اليه. إن الإنجليزي يقول: «أحبك يا إنجلترا ولا زلتُ أحبك على الرغم من كُلِّ أخطائك. وإن الألماني ليقول: «المانيا فوق الجميع، وإن الأرجنتيني ليقول: إلى الشعب الأرجنتيني الكريم تحية وسلاما ألا يحق للسوداني أن يقول: إلى بلادي البائسة مني الفداء ؟ لا يزال كثير مما يجب أن يعمل لم يبدأ فيه للآن، إني - الآن لا تصور هذا السودان طفلًا جَبَّارًا يُغالب النعاس ويتمطى ويحاول التيقظ. فلا اختلاف أديانه، ولا اختلاف عاداته،