/ الاستقراء والاستنباط (induction ;كانت الفلسفة اليونانية استنباطية (déductive) ، كما عرفت بالقياس الأرسطي طاليسي أو المنطق الصوري.والانقلاب العقلي الذي دشنته العقلية الإسلامية في التاريخ، بتطوير قراءة الواقع بالفكر الاستقرائي Inductive أي اعتماد الواقع مصدراً للمعرفة، والواقع يضم الطبيعة والنفس وأحداث التاريخ.الفكر الاستنباطي هو انتقال من الكل إلى الجزء، يضع القاعدة الكبيرة ليقيس عليها ، في حين أن طريقة الاستقراء نمت من الجيب الإسلامي الأندلسي على يد ابن رشد والمدرسة الإسلامية التحررّية لتنتشر في أوروبا بدءًا من ايطاليا. أي انتقال من الجزء إلى الكل فهو قراءة الواقع، وجمع الملاحظات المشتركة،أما الاستنباط فهو عملية التحليل العقلي من فوق لتحت، والاستقراء عملية معكوسة من تحت لفوق؛ فهو العملية المنطلقة من الواقع الى بناء القوانين العليا الشاملة، التي تضم أكبر قدر من الملاحظات . من خلال جمع أكبر عدد من العينات ، حتى يأتي قانون أعلى منه بآلية الحذف والإضافة؛ فيضم مجموعة أضخم من الملاحظات؛ فيأخذ القانون صفة شمولية أكبر.إذن الاستقراء هو: " أن يدرس الذهن عدة جزئيات فيستنبط منها حكماً عاماً ". كما لو درسنا عدة أنواع من الحيوان فوجدنا كل نوع منها يحرك فكه الأسفل عند المضغ فنستنبط منها قاعدة عامة وهي: أن كل حيوان يحرك فكه الأسفل عند المضغ. ;واعتماد هذا المنهج معروف عند الجاحظ في كتابه "الحيوان". فهو الأساس لجميع أحكامنا الكلية وقواعدنا العامة لأن تحصيل القاعدة العامة والحكم الكلي لا يكون إلا بعد فحص الجزئيات واستقرائها فإذا وجدناها متحدة في الحكم نلخص منها القاعدة أو الحكم الكلي. فحقيقة الاستقراء هو الاستدلال بالخاص على العام وعكسه القياس وهو الاستدلال بالعام على الخاص لأن القياس لابد أن يشتمل على مقدمة كلية، الغرض منها تطبيق حكمها العام على موضوع النتيجة.و ينقسم الاستقراء إلى قسمين: تام وناقص .فإن الأساس فيه لا محالة هو الاستقراء لما قدمنا أن كل قاعدة كلية لا تحصل لنا إلا بطريق فحص جزئياتها.