ونظننا - الآن - لا نبتعد عن الحقيقة إذا قلنا إن البحث في اللهجات العربية القديمة من أصل البحوث اللغوية ، ونحن نقدر هذه الأصالة وندرك أنها تحتاج ما تحتاج من صبر ومثابرة ، وعلى قدر الطاقة سرنا في هذا البحث بما نظن أنه يوصل إلى الغاية المقصودة ، فمهدنا له بدراسة للبيئة الجغرافية أشبه الجزيرة العربية لما رأينا من من أهميتها للدرس اللهجى ، ثم أتمنا هذا التمهيد بدراسة للقبائل العربية ومنازلها من شبه الجزيرة بالقدر الذى يخدم غرض البحث . وأنت ترى أننا حددنا ميدان بحث اللهجات في مصدر واحد حسب وهو القراءات القرآنية ، ثم حاولنا أن تقدم ( تقييما ) للدراسة اللهجية في كتب العربية ، وانتقلنا إلى دراسة في القراءات مهتمين بوثاقتها مصدراً لدراسة اللهجات دون أن تتفرع بنا المسائل . وإذا وجدت المحاولات الجادة في هذا الميدان فلقد نستطيع أن نصل يوما إلى تأريخ لهذه اللغة تأريخا يعتمد على المنهج العلمي بما يصلنا بتراثنا القديم من ناحية ، وبما يعين - من ناحية أخرى ـ على جعل لغتنا مسايرة للحياة المتطورة وليس من شك في أن أولى خطوات التجديد قتل القديم بحثاً . وإذا كنا قد استطعنا أن نصور بعضا من ملامح الواقع اللغوى قبل الإسلام فإننا تحسب أن بحثنا قد آل إلى النتائج الآتية : أولا - فى ميدان القراءات: ولقد رأيت أن منهج القراءات أصح مناهج النقل اللغوى لأنها تعتمد على التلقى والعرض وهما يكفلان صحة النقل ودقته . إذ القرآن مصدر لمعرفة اللغة وليس النقيض كذلك ثانيا - في الميدان الا اللغوى ذهب القدماء ومن بعدهم المحدثون إلى أن هذه العربية الفصحى هي لهجة قريش ، - أن بعض الظواهر اللهجية يمكن تعليمه بالاحتكاك ببيئات لغوية أخرى ويظهر ذلك في دراستنا لكسر حرف المضارعة وفتح حرف الحلق إذ وجدنا أن هاتين الظاهرتين كانتا توجد ان في بيئة تنتشر فيها العبرية وهما من خصائصها . وأعل الصرف لا يزال ميدانا بكرا يحتاج إلى أبحاث كثيرة وبخاصة في لغتنا التي تقوم على الاشتقاق . ولنا بعد هذه النتائج مقترحات : ا – في ميدان القراءات : لأنه يصلنا بالدرس الإسلامي وبالدرس الأدبي واللغوى. وهي لاتزال في حاجة إلى دراسات مستفيضة ، ۲ - في ميدان اللغة : ولابد من دراسة اللهجات القديمة من مصادرها المختلفة وقد قمنا هنا بدراستها من مصدر واحد وينبغى بعد ذلك التوفر على المصادر الأخـــرى ، ثم إن دراسة هذه اللهجات لن تكون كاملة إلا يبحث شبه الجزيرة العربية بحثا منقبا للوصول إلى ما قد يكون فيها من آثار ونقوش تعين على تصور التطور اللغوى فيها .