يعرف العالم اليوم تطورات كبيرة في العديد من المجالات وعلى جميع الأصعدة، وخاصة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، والمغرب كغيره من البلدان في سياق هذه التطورات جعلت أفراده يرتبطون فيما بينهم بعلاقات متنوعة ومتعددة، الذين لتحديد مراكزهم القانونية يجب أن يتم توثيق هذه العلاقات والمعاملات الناشئة بينهم بطريقة تتماشى مع ما تتطلبه التشريعات والأنظمة، حفاظا على هاته العلاقات لتجنب النزاعات التي ستنشئ بشأنها في المستقبل، بما في ذلك من تحقيق الاستقرار االاجتماعي، ولذلك ولتحقيق هذه الغاية كان لا بد من وجود مؤسسة لها دراية بهذا الشأن، تسهر على ضبط المعاملات بين األاشخاص، وتحريرها بكل دقة وإتقان.والمؤسسة المؤهلة للقيام بهذا الدور هي مؤسسة التوثيق، التي يشترط المشرع في األشخاص الذين يريدون الانضمام إليها توفرهم على مؤهلات علمية، واجتيازهم لتدريبات وامتحانات مهنية تمكنهم من القيام بمهامهم، التي تتلخص في مد األشخاص بالنصائح والارشادات التي يحتاجونها، وتحرير عقودهم بطريقة سليمة ومطابقة للقوانين، والقيام بالإجراءات.وقد ظهر التوثيق في المغرب بصفة رسمية إبان الحماية الفرنسية بموجب ظهير 04 ماي 1925 ،بيد أنه ونظرا لقدمه وتطور المجتمع المغربي بعد انتهاء الحماية كان من الضروري صدور القانون 32.09 المنظم لمهنة التوثيق لمسايرة هذا التطور والتسارع.وقد خص المشرع المغربي الموثق بمكانة مميزة من حيث نظامه القانوني ووضع على عاتقه جملة من الالتزامات تستوجب من يمارس مهنة التوثيق أن يتقيد في سلوكه بمبادئ الأمانة والنزاهة والتجرد والشرف وما تقضيه الأخلاق الحميدة، وأي تقصير وإخلال أو مخالفة لإحداها، يرتب قيام مسؤوليته التأديبية أو المدنية أوالجنائبة. ولعل من أهم هذه التصرفات تلك الناقلة لملكية العقارات، وخطأ الموثق ليس بالخطأ الهين البسيط يكتسي موضوع المسؤولية القانونية للموثق أهمية بالغة على المستوى العلمي والعملي، بحيث أن الأحكام و القواعد التي تنظم هذه المسؤولية تجمع بين القواعد العامة، من قبيل قانون الالتزامات والعقود والقانون الجنائي، والقواعد الخاصة ويتعلق الأمر هنا بالقانون المنظم لمهنة التوثيق، الأمر الذي يجعلها أرض خصبة للباحث في العلوم القانونية بالوقوف على حدود هذه لمسؤولية،