ونحن حين نتأمل التصور المنطقي للفكرة الزمنية، كما ندرك أن الحاضر لا يعدو أن يكون نقطة اتصال ليس من السهل إن كلمة مثل "الآن " التي تعني الحال، فإننا نقبلها على غموضها، ولا نعني في حياتنا العادية بتحديدها وكل ما يتطلب منها أن تكون واصلة بين أمور انتهت وأمور لم تنشأ بعد. قبلها الماضي وبعدها المستقبل (4). فقد ذهب فندرايس إلى أن اللغات السامية قاصرة عن التمييز بين أزمنة الفعل المختلفة إذا ما قورنت باللغات الهندية الأوربية في قوله: " ما الزمن فلا يوجد في السامية إلا اثنان: غير تام والتام. فالتام ما انتهى فيه الحدث وهو الماضي، إن لها سلما من الأزمان المتنوعة لا تعبر فقط عن أقسام الزمان الثلاثة من ماض وحاضر ومستقبل بل أيضا عن الفروق النسبية للزمن، ويمكن تعيين الحدث إما في اللحظة التي تتكلم فيها، ويرى هنري برجسون أن زمن الحال (الحاضر) ليس إلا حدا نظريا يفصل الماضي عن المستقبل ويمكن عند اللزوم تصوره، لكنه غير مرئي قط ما نراه في الحقيقة هو تلك المدة الكثيفة المركبة من جزأين: ولئن كان ما قاله فندرايس عن اللغات السامية بما فيها اللغة العربية صحيحا إلى حد ما من الناحية الصرفية (الصورة) أو (الشكل)، يرى بعض الباحثين أن فندرايس حكم على الفعل العربي من وجهة النظر الصرفية الإفرادية الصيغ الأفعال وليس من خلال الزمن المستوحى من التركيب اللغوي (1) وكان منطلقا من منظور صرفي نظري بحت عندما قسم الحدث إلى قسمين: حدث تام وقع وانتهى ، وحدث ناقص لم يتم ولم ينته. ثم جعل تلك الصيغة التي يسميها النحاة العرب بالفعل الماضي خاصة بالأحداث التي تمت وانتهى وقوعها، مما يجعل الربط بين الصيغ غير أنه إذا نظرنا إلى ما يقوله النحاة العرب في هذه الصورة وجدناهم يحاولون الربط بين الصيغة والزمن، وقد اهتم النحاة العرب برصد الفروق الزمنية الدقيقة الأساسية منها والفروق النسبية الفرعية. وما يميز ذلك في غالب الأمر هي القرائن السياقية المضافة إلى صيغ الأفعال (1) ذلك أن الكثير من الاستعمالات اللغوية في اللغة العربية تؤكد هذه الظاهرة.