يُعاني عددٌ لا بأس به من أصحاب الكفاءات العلميّة والاختصاصات الدقيقة في بعض البلدان العربية -لا سيّما في بداية حياتهم العلميّة- من انخفاض دخولهم ومستوياتهم المعيشيّة مقارنة بفئات اجتماعيّة أخرى أقلّ علماً وثقافة، ممّا لا يوفّر لهم ما يلزم للتفرّغ للبحث العلمي من شعور بالرضا والاستقرار النفسيّ والاجتماعيّ، ويضاعف من خطورة ذلك أنّ معظم هؤلاء عادة ما يتمّ إلحاقهم بأعمال ووظائف لا تتّفق مع خبراتهم وتخصّصاتهم العلميّة، حتّى إنْ عُيّنوا في وظائف مُلائمة فإنّ قدراتهم على الإنتاج والعمل المُبدع عادة تتأثّر سلباً بالتعقيدات الإداريّة والعلاقات التقليديّة في الأجهزة التي يعملون بها.وفي مواجهة سلبيّات هجرة الأدمغة والكفاءات العربيّة إلى البلدان الصناعيّة، بُذِلَت جهودٌ من جانب بعض الدول العربيّة لاستعادة بعض العناصر المتميّزة من هذه الكفاءات أو الانتفاع بها بصورة واقعية خلال وجودها في البلدان المُضيفة، وذلك عبر طُرُقٍ متنوّعة، منها: تقديم الامتيازات الماليّة والاجتماعيّة والمراكز المرموقة في أجهزة البحث العلميّ ومؤسّساته، والاستفادة النسبيّة من الكفاءات البشريّة العلميّة المُهاجرة من خلال تنظيم مؤتمرات للمغتربين في الوطن الأمّ، سواء بصدد الاطلاع على أحدث وسائل المُعالجات الطبيّة والدوليّة، أو بصدد نقل التقانة (التكنولوجيا) العلميّة، أو حتى بغرض المشاركة الماليّة والاقتصاديّة في تنفيذ بعض المشاريع الحيويّة واستثمارها.