أنواع المجاز العقلي: وترك قرينة دالة لتقريب المعنى وتوضيحه، ويكون الإسناد في الفعل، أو اسم مفعول، وبذلك يوضح جمهور البلاغيين أنّ أشهر علاقات المجاز العقلي هي: الاسناد إلى الزمان: نحو «من سره زمن ساءته أزمان» أسند الإساءة والسّرور إلى الزمن، وهو لم يفعلهما، وليست جارية بل الجاري ماؤها 3. الاسناد إلى السبب: إني لمن معشر أفنى أوائلهم، ومؤثر فيه، وانما هو السبب فقط. 4. الاسناد إلى المصدر: كقول أبي فراس الحمداني: فقد أسند جد الجد – أي الاجتهاد- وهو ليس بفاعل له، بل فاعله الجاد فأصله جدّ الجاد جدّا، بدل الموموق، أي المحبوب، 6. اسناد ما بني للمفعول إلى الفاعل: نحو «جعلت بيني وبينك حجابا مستورا» أي ساترا، فقد جعل الحجاب مستورا مع أنّه هو السّاتر» وقد توسع الزمخشريّ في علاقات المجاز العقليّ وأضاف لها علاقات أخرى مثل علاقة الإسناد الآليّ فيقول في تفسير لقوله عزّ وجلّ « ﴿ولا تكتموا الشّهادة ومن يكتمها فإنّه آثم قلبه﴾ فإن قلت: هلاّ اقتصر على قوله ( فإنّه آثم) والجملة هي الآثمة لا القلب وحده-؟قلت: كتمان الشهادة، فلما كان إثما مقترفا بالقلب أسند إليه، هذا ما أبصرته عيني وما سمعته أذني وممّا عرفه قلبي» يوضح الزمخشريّ أنّ اسم الفاعل آثم يرفع فاعلا ظاهرا هو قلبه، أي اسند المشتق (آثم) إلى الفاعل (قلبه) مع أنّ الآثم هو الانسان كلّه، والاثم لا يخصّ القلب وحده بل القلب هو العضو الّذي اقترف كتمان الشهادة، أما العلاقة الأخرى الّتي تطرّق إليها فهي علاقة الاختصاص يشرّحها الزمخشري على النحو التالي «﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٥٧) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٥٨) إِلا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٩) إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (٦٠)﴾ فإن قلت فلم أسند الملائكة فعل التقدير -وهو للّه وحده- إلى أنفسهم، ولم يقولوا: قدّر الله؟ قلت: لما لهم من القرب والاختصاص باللّه الّذي لأحد غيرهم، كما يقول خاصة الملك: دبرنا كذا وأمرنا بكذا، نجده بذلك يوضح سبب اسناد فعل قدّرنا إلى الملائكة بينما اللّه هو المقدّر الحقيقيّ ليتجلى أنّ السبب فيه قرب الاختصاص، يخص الذكر بعلاقةٍ ثالثةٍ وليشرحها بقوله تعالى «﴿ويقول الانسان أإذا متّ لسوف أخرج حيّا(66) أولا يذكر الانسان أنّا خلقناه من قبل ولم يك شيئا(67)﴾ يحتمل أن يراد بالإنسان الجنس بأسره، وأن يراد بعض الجنس وهم الكفرة، فإن قلت لماذا جازت إرادة الأناسي كلّهم، وكلهم غير قائلين ذلك؟ قلت: لما كانت هذه المقالة موجودة فيمن هو من جنسهم، صح اسناده إلى جميعهم،