ناقش الفصل السابق استخدام الذكريات والخيالات في فهم أسلوب حياة الشخص، مستخدمًا منهجية استنتاج الكل من جزئية مُنفصلة. وتُعد دراسة الذكريات وسيلةً من بين وسائل عديدة لفهم الشخصية، تعتمد جميعها على تحليل أجزاء السلوك لفهم الكل المترابط. فالحركات الجسمية والاتجاهات العقلية والذكريات تُشير جميعها إلى "أسلوب الحياة". يُلاحظ ذلك في طريقة الوقوف والمشي والكلام، فمَن يُكثر من نصب قامته يُظهر عقدة نقص، بينما مَن يقف منحنيًا قد يُفهم منه الجبن، لكن يجب الحذر وعدم الاعتماد على مؤشر واحد، بل البحث عن أدلة أخرى. فعلى سبيل المثال، الاعتماد على الكراسي يدل على عدم الثقة بالنفس، كما في حالة الأطفال الذين يعتمدون على الآخرين، وهذا يُلاحظ بوضوح في طريقة وقوفهم واقترابهم من الآخرين، ويمكن اختبار ذلك بتجارب مُعينة، كطلب من الأم الجلوس لملاحظة سلوك الطفل. كما أن طريقة اقتراب الطفل من أمه تدل على مدى توافقه الاجتماعي وثقته بالناس. فالإنسان وحدة متكاملة، كما في قصة السيدة التي اختارت الجلوس بعيدًا عن الطبيب، مُظهرةً بذلك رغبتها بالبعد عن الآخرين، مما أتاح فهم قصتها كاملةً. وقد يُستخدم القلق كوسيلة للسيطرة، كما في حالة الزوجة التي أصبحت قلقة بعد علمها بغراميات زوجها، وكذلك الشخص الذي يتكئ على جدار المنزل يدل على قلة شجاعته. كما في حالة الطفل الخجول في المدرسة، الذي يلازم الجدار، ويعود لأمه باستمرار، وذلك يدل على ارتباطه الشديد بها. سؤال الطبيب للأم حول سلوك الطفل ليلاً أكد هذا الاستنتاج، فكل سلوك صغير يُمثل جزءًا من خطة حياة متكاملة. فهدف الطفل هو الارتباط بأمه، مما يُمكننا من استنتاج جوانب أخرى من شخصيته، كقوة عقله. تختلف الاتجاهات العقلية بين الأفراد، فمنهم الشرس ومنهم المُستهتر، لكن التفريط المطلق غير مُحتمل، فحتى المُستهتر يُخفي كفاحًا داخليًا. هناك أطفال مُستسلمون، مُدَلَّلون، يسعون للسيطرة، وهذا ناتج عن عقدة نقص، كما في قصة الشاب الذي حاول الانتحار، وقد رأى في منامه أنه قتل أبيه. الخجل في الطفل يُعتبر علامة خطر، فهو يُعيق تقدمه في الحياة، وهذه الصفات ليست فطرية، بل استجابات لمواقف معينة، وهي استجابات مُتأثرة بتجارب الطفولة. يُمكن ملاحظة هذه الاستجابات بوضوح في الأطفال والشخصيات الشاذة أكثر من الأفراد الأصحاء، فالمرحلة الأولى من الحياة أسهل في التحليل. الجبن، مثلاً، قد يُلازم الشخص طوال حياته، لكن قد يحاول الجبان الظهور بمظهر البطل، كما في قصة الولد الذي كاد يغرق وهو يحاول إثارة إعجاب رفاقه. الشجاعة والجبن مرتبطان بعقيدة القضاء والقدر، فمن يعتقد بتفوقه لا يسعى للتعلم، بينما مَن يشعر بأنه محمي قد يفقد شجاعته بعد تجربة قاسية. وقد ذكر الرجل قصة نجاته من حريق مسرح، مُشيراً إلى شعوره بأنه مُدخر لأمر أعظم. الإيمان بالجبرية هروب من الكفاح، والحسد من دلائل النقص، لكن القدر الضئيل منه لا يضر، أما الغيرة الجنسية فهي حالة أشد خطورة، وهي ناتجة عن شعور بالنقص، ويجب البحث في ماضي الشخص الغيور. حسد المرأة للرجل على مكانته الاجتماعية ناتج عن اختلاف الأدوار الاجتماعية، وقد تُحاول الفتاة محاكاة الرجل، مما قد يؤدي إلى كره الزواج، لكن هذا يُعد احتجاجًا ضد الواقع. هناك أيضًا حالات أولاد يحاكون الفتيات، وهذا ناتج عن بيئة كان للمرأة فيها الدور الأكبر، كما في قصة الفتى الذي كان يُلازم أمه، مما أثّر على سلوكه وميوله، مُؤديًا إلى مشاكله الجنسية.