معسكر الجيش الإسلاميوتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اختار لمعسكره منزلاً، فقال: يا رسولالله، أرأيت هذا المنزل أنزلكه الله، وسهامهم تصل إلينا، وأيضًا هذا بين النخلات، وأرض وخيمة، قال صلى الله عليهوسلم : ( الرأي ما أشرت ) ، ثم تحول إلى مكان آخر .التهيؤ للقتال وبشارة الفتح لأعطين الراية غدًا رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، كلهم يرجو أن يعطيه، فقال : ( أين علي بن أبي طالب؟ ) فقالو ا: ودعا له، فبرئ، كأن لم يكن به وجع، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق لأن يهدي الله بك رجلا واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم) .بدء المعركة وفتح حصن ناعمأما اليهود فإنهم لما رأوا الجيش وفروا إلى مدينتهم تحصنوا في حصونهم،للقتال .وأول حصن هاجمه المسلمون من حصونهم الثمانية هو حصن ناعم.الذي كان يعد بالألف.خرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالمسلمين إلى هذا الحصن، ودعا اليهود إلى الإسلام، فرفضواهذه الدعوة، وبرزوا إلى المسلمين ومعهم ملكهم مرحب، فلما خرج إلى ميدان القتال دعا إلى المبارزة،قد عَلِمتْ خيبر أني مَرْحَب ** شَاكِي السلاح بطل مُجَرَّبإذا الحروب أقبلتْ تَلَهَّب **قد علمت خيبر أني عامر ** شاكي السلاح بطل مُغَامِرفاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عمي عامر،فتناول به ساق اليهودي ليضربه، فيرجع ذُبَاب سيفه فأصاب عين ركبته فمات منه، وقال فيه النبي صلى قَلَّ عربي مَشَي بها مِثْلَه ) .ويبدو أن مرحبًا دعا بعد ذلك إلى البراز مرة أخري وجعل يرتجز بقوله : . . إلخ، فبرز له علي بن أبي طالب . قال سلمة ابن الأكوع: فقال علي :أُوفِيهم بالصَّاع كَيْل السَّنْدَرَهْ ** ثم كان الفتح على يديه. وقال : من أنت ؟ فقال : أنا عليثم خرج ياسر أخو مرحب، فقالت صفية أم ه: يا رسول الله، يقتل فقتله الزبير . قتل فيه عدة سراة من اليهود، ويؤخذ من المصادر أن هذا القتال دام أيامًا لاقى المسلمون فيها مقاومةشديدة،المسلمون حصن ناعم . قام المسلمون بالهجوم عليهتحت قيادة الحباب بن المنذر الأنصاري، وفرضوا عليه الحصار ثلاثة أيام، دعا رسولالله صلى الله عليه وسلم لفتح هذا الحصن دعوة خاصة. فقالوا : لقد جهدنا، وما فقال : ( اللهم إنك قد عرفت حالهم، وأن ليست بهم قوة،إياه، فافتح عليهم أعظم حصونها عنهم غَنَاء، فغدا الناس ففتح الله عز وجل حصنولما ندب النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بعد دعائه لمهاجمة هذا الحصن كان بنو أسلم همالمقاديم في المهاجمة، ووجد فيه المسلمون بعض المنجنيقات والدبابات .ولأجل هذه المجاعة الشديدة التي ورد ذكرها في رواية ابن إسحاق، ونصبوا القدور على النيران، فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك نهي عن لحوم الحمرالإنسية .فتح قلعة الزبيروبعد فتح حصن ناعم والصعب تحول اليهود من كل حصون النَّطَاة إلى قلعة الزبير، ففرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلمالحصار، وقال : يا أبا القاسم، إن لهم شرابًا وعيونًا تحت الأرض، ثم يرجعون إلى قلعتهم فيمتنعون منك، فقطع ماءهم عليهم، قتل فيهنفر من المسلمين، وأصيب نحو العشرة من اليهود،فتح قلعة أبي وقامبطلان من اليهود واحد بعد الآخر بطلب المبارزة،الثاني هو البطل المشهور أبو دُجَانة سِمَاك بن خَرَشَة الأنصاري صاحب العصابة الحمراء . وقد أسرع أبو واقتحم معه الجيش الإسلامي،ثم تسلل اليهود من القلعة، وتحولوا إلى حصن النزار آخر حصن في الشطر الأول .كان هذا الحصن أمنع حصون هذا الشطر، وكان اليهود على شبه اليقين بأن المسلمين لا يستطيعون ولذلك أقاموا في هذه القلعة مع الذراريوفرض المسلمون على هذا الحصن أشد الحصار، وصاروا يضغطون عليهم بعنف، أما اليهود فلم يجترئ للخروج من الحصن، ولكنهم قاوموا المسلمين مقاومة عنيدة برشق النبال، وبإلقاء الحجارة .وعندما استعصى حصن النزار على قوات المسلمين، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصب آلات ويبدو أن المسلمين قذفوا به القذائف، واقتحموا، و دارقتال مرير في داخل الحصن انهزم أمامه اليهود هزيمة منكرة، وذلك لأنهم لم يتمكنوا من التسلل من هذاالحصن كما تسللوا من الحصون الأخري،وبعد فتح هذا الحصن المنيع تم فتح الشطر الأول من خيبر، وكانت في هذهالناحية حصون صغيرة أخري إلا أن اليهود بمجرد فتح هذا الحصن المنيع أخلوا هذه الحصون،فتح الشطر الثاني من خيبر تحول إلى أهل الكتيبة التي بها حصنالقَمُوص : حصن بني أبي الحُقَيْق من بني النضير،النطاة والشق، وتحصن هؤلاء أشد التحصن . بل يؤخذ من سياقه أن هذا الحصن تم فتحه بالقتال فقطأما الواقدي، في صرح تمام التصريح أن قلاع هذا الشطر الثلاث إنما أخذت بعد المفاوضة، ويمكن أنتكون المفاوضة قد جرت لاستلام حصن القموص بعد إدارة القتال، وأما الحصنان الآخران فقد سلما إلىالمسلمين دونما قتال .ومهما كان، واليهود لا يخرجون من حصونهم، حتى همّ رسول الله صلى اللهعليه وسلم أن ينصب عليهم المنجنيق، فلما أيقنوا بالهلكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلح .المفاوضة فنزل، وصالحعلى حقن دماء مَنْ في حصونهم من المقاتلة،الحصون إلى المسلمين،قتل ابني أبي الحقيق لنقض العهدوعلى رغم هذه المعاهدة غيب ابنا أبي الحقيق مالا كثيرا، وكان عنده كنز بني النضير،عنه، فجحد أن يكون يعرف مكانه، فأتي رجل من اليهود فقال: إني رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كلغداة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنانة : ( أرأيت إن وجدناه عندك أقتلك ؟ ) قال : نعم، فدفعه إلى الزبير، وقال: فكان الزبير يقدح بزند في صدره حتى أشرف على نفسه، فضرب عنقه بمحمود بن مسلمة وكان محمود قتل تحتجدار حصن ناعم، وهو يستظل بالجدار فمات . وكان الذي اعترف عليهمابإخفاء المال هو ابن عم كنان ة. فقالوا : يا محمد، دعنا نكون في هذه ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر ومن كل ثمر، وكان عبد الله بن رواحةوقسم أرض خيبر على ستة وثلاثين سهمًا، جمع كل سهم مائة سهم، فكانت ثلاثة آلاف وستمائة سهم، وعزل النصف الآخر،وما يتنزل به من أمور المسلمين، وكانوا ألفا وأربعمائة،فقسمت على ألف وثمانمائة سهم، فصار للفارس ثلاثة أسهم،ويدل على كثرة مغانم خيبر ما رواه البخاري عن ابن عمر قال : ما شبعنا حتى فتحنا خيبر، وما رواه عنعائشة قالت : لما فتحت خيبر قلنا : الآن نشبع من التمر ،المدينة رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم إياها من النخيل حين صار لهم بخيبر مالقدوم جعفر بن أبي طالب والأشعريينوفي هذه الغزوة قدم عليه ابن عمه جعفر بن أبي طالب وأصحابه، ومعهم الأشعريون أبو موسى وأصحابه .قال أبو موسى : بلغنا مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن،وأخوان لي في بضع وخمسين رجلاً من قومي، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة،جعفرًا وأصحابه عنده، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا وأمرنا بالإقامة،معه حتى قدمنا فوافقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح خيبر، وما قسم لأحد غابعن فتح خيبر شيئا إلا لمن شهد معه، إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه،بفتح خيبر أم بقدوم جعفر ) . فأرسل النجاشي على مركبين،وبقيتها جاءوا إلى المدينة قبل ذلك.ذكرنا أن صفية جعلت في السبايا حين قتل زوجها كِ نَانة بن أبي الحقيق لغدره، ولما جمع السبي جاء دحيةحيي، فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقا ل: يا نبي الله، قال : ( ادعوه به ا) . وعرض عليها النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام فأسلمت، وجعل عتقها صداقها، في جهزتها له أم سليم، وأولم عليها بحيس من التمر والسمن والسَّوِيق،ورأى بوجهها خضرة،مكانه، وسقط في حجري، ولا والله ما أذكر من شأنك شيئا، فلطم وجهي .ولما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد فتحها أهدت له زينب بنت الحارث، امرأة سَلاَّم بنمِ شْكَم،عليه وسلم تناول الذراع، فَلاَكَ منها مضغة فلم يسغها، ولفظها، ثم قال : ( إن هذا العظم ليخبرني أنهوإن كان نبيًا فسيخبر، فتجاوز عنها.وكان معه بِشْر بن البراء بن مَعْرُور، فلما مات بشر قتلهاقصاصا.قتلى الفريقين في معارك خيبروجملة من استشهد من المسلمين في معارك خيبر ستة عشر رجلاً، أربعة من قريش وواحد من أشْجَع، وواحد من أهل خيبر والباقون من الأنصار .ويقال : إن شهداء المسلمين في هذه المعارك 81 رجلا . وواحد عند الواقدي فقط، وواحد مات لأجل أكل الشاة المسمومة، وواحد اختلفوا هل قتلفي بدر أو خيبر،أما قتلى اليهود وعددهم ثلاثة وتسعون قتيلا .ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر،الإسلام، فأبطأ عليه، فلما فتح الله خيبر قذف الرعب في قلوبهم، فقبل ذلك منهم،لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة؛وادي القُرَيولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر،فلما نزلوا استقبلتهم يهود بالرمي، فقتل مِدْعَم عَبْدٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده، إن الشَّمْلَة التيأخذها يوم خيبر من المغانم، لتشتعل عليه نارًا ) ، فلما سمع بذلك الناس جاء رجل إلىالنبي صلى الله عليه وسلم بشِرَاك أو شراكين، فقال النبي صلى الله عليه وسل م: ( شراك من نار أو شراكانثم عَبَّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه للقتال، وراية إلىرجل منهم، فبرز إليه الزبير بن العوام فقتله، ثم برز آخر فقتله، ثم برز آخر فبرز إليه علي بن أبي طالبرضي الله عنه فقتله، كلما قتل منهم رجل دعا من بقي إلى الإسلام . ثم يعود، فيدعوهم إلى الإسلام وإلى الله ورسوله،وغَنَّمَهُ اللهُ أموالهم، وترك لم يبدوا أي مقاومة ضد المسلمين،بل بعثوا من تلقاء أنفسهم يعرضون الصلح، فقبل ذلك منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم،بأموالهم . وكتب لهم بذلك كتابا وهاك نصه : هذا كتاب محمد رسول الله لبني عاديا، أن لهم الذمة،وعليهم الجزية، ولا عداء ولا جلاء، الليل مد،العودة إلى المدينة الله أكبر،أنفسكم، إنكم تدعون سميعا قريبا ) .وفي مرجعه ذلك سار النبي صلى الله عليه وسلم ليلة، ثم نام في آخر الليل ببعض الطريق، اكلأ لنا الليل ) ، فغلبت بلالاً عيناه، وهو مستند إلى راحلته، حتى ضربتهم الشمس، ثم خرج من ذلك الوادي، وتقدم، ثم صليالفجر بالناس، وقيل : إن هذه القصة في غير هذا السفر .وبعد النظر في تفصيل معارك خيبر، يبدو أن رجوع النبي صلى الله عليه وسلم كان في أواخر صفر أو فيربيع الأول سنة 7 ه .كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أكثر من كل قائد عسكري أن إخلاء المدينة تماما بعد انقضاءالأشهر الحرم ليس من الحزم قطعًا، بينما الأعراب ضاربة حولها،والسلب وأعمال القرصنة ؛ ولذلك أرسل سرية إلى نجد لإرهاب الأعراب تحت قيادة أبان بن سعيد،كان هو إلى خيبر، فوافي النبي صلى الله عليه وسلمبخيبر، وقد افتتحها. قال ابن حجر : لم أعرفغزوة ذات الرِّقَاعولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كسر جناحين قويين من أجنحة الأحزاب الثلاثة تفرغ تمامًابأعمال النهب والسلب بين آونة وأخري . كانت الصعوبة فيفرض السيطرة عليهم وإخماد نار شرهم تمامًا تزداد بكثير عما كانت بالنسبة إلى أهل مكة وخيبر ؛ ولذلك وقام المسلمون بمثل هذه الحملات مرة بعد أخري .الله عليه وسلم بحملة تأديبية عرفت بغزوة ذات الرقاع .وعامة أهل المغازي يذكرون هذه الغزوة في السنة الرابعة،رضي الله عنهما في هذه الغزوة يدل على وقوعها بعد خيبر، والأغلب أنها وقعت في شهر ربيع الأول سنة7 ه .وملخص ما ذكره أهل السير حول هذه الغزوة : أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع باجتماع بني أنمار أوبني ثعلبة وبني مُحَارِب من غطفان، واستعملعلى المدينة أبا ذر أو عثمان بن عفان رضي الله عنهما، وسار فتوغل في بلادهم حتى وصل إلى موضعيقال له : نخل، ولقي جمعاً من غطفان، فتقربوا وأخاف بعضهم بعضاً ولميكن بينهم قتال، إلا أنه صلى بهم يومئذ صلاة الخوف . وفي رواية البخاري : وأقيمت الصلاة فصلى بطائفةركعتين، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، وكان للنبي صلى الله عليه وسلم أربع،وفي البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقبت أقدامنا، وسقطت أظفاري،وفيه عن جابر : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع، فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبي يستظلون بالشجر، قال جابر : فنمنا نومة،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صَلْتًا.فقال لي : من يمنعك مني ؟ قلت : الله، فها هو ذا جالس) ، ثم لم يعاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم .مني ؟ ) قال : كن خير آخذ، قال : فخلى سبيله، قال ابن وأنه أسلم، لكن ظاهر كلامه والله أعلم .وفي مرجعهم من هذه الغزوة سبوا امرأة من المشركين، فنذر زوجها ألا يرجع حتى يهريق دماً في أصحابمحمد صلى الله عليه وسلم، وقد أرصد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين رَبِيئة للمسلمينمن العدو، وهما عباد بن بشر وعمار بن ياسر، بسهم فنزعه، حتى رشقه بثلاثة أسهم، فقال : سبحان الله ! هلانبهتني، فقال : إني كنت في سورة فكرهت أن أقطعها.استسلمت، بل وأسلمت،حُنَيْناً، وتأخذ من غنائمها،كسر الأجنحة الثلاثة التي كانت ممثلة في الأحزاب، وساد المنطقة الأمن والسلام، بل بعد هذه الغزوةبدأت التمهيدات لفتوح البلدان والممالك الكبيرة ؛وبعد الرجوع من هذه الغزوة أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شوال سنة 7 ه .وبعث في خلال ذلك عدة سراي ا. وهاك بعض تفصيلها: فبعثت هذه السرية لأخذ الثأر، وساقوا النعم، وطاردهم جيش كبير من العدو، حتى إذا قرب من المسلمين نزل مطر، فجاء سيلعظيم حال بين الفريقين . ونجح المسلمون في بقية الانسحاب.3 سرية عمر بن الخطاب إلى تُرَبَة، ومعه ثلاثون رجلا . كانوا يسيرون الليل فأتى الخبر إلى هوازن فهربوا، فانصرفراجعاً إلى المدينة . خرجإليهم واستاق الشاء والنعم، فرماهم بالنبل حتى فني نبل بشيروأصحابه، فقتلوا جميعاً إلا بشير، فإنه ارْتُثَّ إلى فدك، فأقام عند يهود حتى برأت جراحه، فرجع إلى سرية غالب بن عبد الله الليثي، في مائة وثلاثين رجلاً، وقتلوا من أشرف لهم، وفي هذه السرية قتل أسامةُ بن زيد نَهِيكَ بن مِرْدَاس بعد أن قال: لا إله إلا الله، فلما كبر عليه وقال: ( أقتلته بعد ما قا ل: لا إله إلا الله ؟ ) فقال : إنما فأخرجوا أسيرًا في ثلاثين من أصحابه، وأطيعوه أن الرسول صلى ذكر الواقدي هذه السرية في شوال سنة ست قبل خيبر بأشهر. وقيل : لفَزَارَة وعُذْرَة ] ،إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلما .8 سرية أبي حَدْرَد الأسلمي إلى الغابة،وملخصه ا: أن رجلا من جُشَم بن معاوية أقبل في عدد كبير إلى الغابة، يريد أن يجمع قيسًا على محاربة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا حدرد مع رجلين ليأتوا منه بخبر وعلم،القوم مع غروب الشمس، فكان أبو حدرد في ناحية، وأبطأ على القوم راعوهمحتى ذهبت فحمة العشاء، فلما مر بأبي حدرد رماه بسهم في فؤاده فسقط ولميتكلم، وشد في ناحية العسكر، وكبر صاحبة وشدا، فما كان من القوم إلاالفرار،قال الحاكم : تواترت الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم لما هَلَّ ذو القعدة أمر أصحابه أن يعتمروا قضاءعمرتهم، وألا يتخلف منهم أحد شهد الحديبية، فخرجوا إلا من استشهد،فكانت عدتهم ألفين سوى النساء والصبيان . ا ه .واستخلف على المدينة عُوَيف بن الأضْبَط الدِّيلي، أو أبا رُهْم الغفاري، وجعل عليهاناجية بن جُنْدُب الأسلمي، ولبي،بالسلاح والمقاتلة،وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الدخول راكباً على ناقته القَصْواء، والمسلمون متوشحينالسيوف، محدقون برسول الله صلى الله عليه وسلم يلبون .وخرج المشركون إلى جبل قُعَيْقِعَان الجبل الذي في شمال الكعبة ليروا المسلمين، وقد قالوا فيمابينهم : إنه يقدم عليكم وفد وهنتهم حمى يثرب، وإنما أمرهم بذلك ليري المشركين قوته كما أمرهم بالاضطباع،ويضعوا طرفي الرداء على اليسري .ينظرون إليه فلم يزل يلبي حتى استلم الركن بمِحْجَنِه،وفي حديث أنس فقال عمر : يا ابن رواحة، وفي حرم الله تقول فلما رآهم المشركون قالوا : هؤلاء الذينولما فرغ من الطواف سعي بين الصفا والمروة، هذا المنحر، وكل فجاج مكة منحر) ، فنحر عند المروة، وحلق هناك،ناساً إلى يَأْجُج، ليقيموا على السلاح، فلما أصبح من اليوم الرابع أتوا علياً فقالوا: قل يا عم يا عم، فتناولها علي،وزيد، وكان رسول الله صلى اللهعليه وسلم قبل الدخول في مكة بعث جعفر بن أبي طالب بين يديه إلى ميمونة، فجعلت أمرها إلى وكانت أختها أم الفضل تحته، فزوجها إياه، فلما خرج من مكة خلف أبا رافع ليحمل ميمونة إليهوسميت هذه العمرة بعمرة القضاء ؛ إما لأنها كانت قضاء عن عمرة الحُدَيْبِيَة، أو لأنها وقعت حسبالمقاضاة أي المصالحة التي وقعت في الحديبية،بأربعة أسماء : القضاء، والقَضِيَّة، والقصاص،وقد أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الرجوع من هذه العمرة عدة سرايا، في ذي الحجة سنة 7 ه في خمسين رجلا . بعثه رسول الله صلى الله عليه يدعوهم إلى الإسلام، فقالوا : لا حاجة لنا إلى ما دعوتنا،جرح فيه أبو العوجاء، وأسر رجلان من العدو.2 سرية غالب بن عبد الله إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد بفَدَك، بعث في فأصابوا من العدو نعما، وقتلوا منهم قتلى .3 سرية ذات أصلح في ربيع الأول سنة 8 ه . كانت بنو قُضَاعَة قد حشدت جموعاً كبيرة للإغارة علىفلقوا العدو، فاستقوا نَعَما من العدو، ولم يلقواكيد اً. وأعظم حرب دامية خاضها المسلمون في حياة رسول الله صلى الله عليهوسلم، وهي مقدمة وتمهيد الفتوح بلدان النصارى، وقعت في جمادى الأولى سنة 8 ه،سبتمبر سنة 926 م .وسبب هذه المعركة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الحارث بن عمير الأزدي بكتابه إلى عظيمبُصْرَي . فعرض له شُرَحْبِيل بن عمرو الغساني وكان عاملاً على البلقاء من أرض الشام من قبل قيصر فأوثقه رباطاً، ثم قدمه، يساوي بل يزيد على إعلان حالة الحرب، فاشتد ذلك على وهوأمراء الجيش ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهمأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا البعث زيد بن حارثة، وقال : ( إن قتل زيد فجعفر، وإن قتلجعفر فعبد الله بن رواحة ) ، ودفعه إلى زيد بن حارثة .عليهم، مَنْ كفر بالله، لا تغدروا، ولا منعزلاً بصومعة، ولا تقطعوا نخلاً ولا شجرة،توديع الجيش الإسلامي وبكاء عبد الله بن رواحةولما تهيأ الجيش الإسلامي للخروج حضر الناس، وودعوا أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم،عليهم، وحينئذ بكي أحد أمراء الجيش عبد الله بن رواحة فقالوا : ما يبكي ك؟ فقال : أما والله ما بي حب ولا صبابة بكم،بعد الورود ؟ فقال المسلمون : صحبكم الله بالسلامة، ودفع عنكم،الله بن رواحة :أو طعنة بيدي حران مجهزة ** بحربة تنفذ الأحشاء والكبداحتى يقال إذا مروا على جدثي ** أرشده الله من غاز وقد رشدا وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مشيعاً لهم حتى بلغ ثنية الوداع،تحرك الجيش الإسلامي، و مباغتته حالة رهيبة من أرض الشام، مما يلي الحجاز الشمالي،وحينئذ نقلت إليهم الاستخبارات بأن هرقل نازل بمآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم،المجلس الاستشاري بمَعَانلم يكن المسلمون أدخلوا في حسابهم لقاء مثل هذا الجيش العرمرم الذي بوغتوا به في هذه الأرض قوامه ثلاثة آلاف مقاتل فحسب، على جيش كبير عرمرم مثل البحر وأقاموا في مَعَان ليلتين يفكرون في أمرهم، نخبره بعدد عدونا، فإما أن يمدنا وشجع الناس، قائلا : يا قوم،تطلبون : الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به،فانطلقوا، فإنما هي إحدي الحسنيين،بقرية من قرى البلقاء يقال له ا: [ شَ ارِف ] ثم دنا العدو، وانحاز المسلمون إلى مؤتة، فجعلوا على ميمنة قُطْبَة بن قتادة العُذْرِي،