ابتسم الحظ لأحد بقايا زعماء الهنود الحمر، فتم تعويضه بمبالغ مجزية للغاية، ساعدته لأن يشتري حلم حياته ألا وهو سيارة كاديلاك سوداء. بعد عام من التجوال بها، لم يتعرض صاحبنا لأية مخالفة مرورية ولم تستهلك دولاراً للوقود ولم يقدها للخلف إطلاقاً، فقد كان طيلة الوقت يستخدم عدداً من الخيول لسحبها للأمام! قد نضحك كثيراً على هذا الشخص الذي جهل قدرة سيارته ولم يفطن لما يمكن أن تقوم به، لكن ربما من الأولى للكثير منّا أن ينظر لنفسه ليجد أمراً أكثر ألماً، فكم هي المواهب الفطرية والقدرات الشخصية التي يئدُها أصحابها طوعاً، ويكررون ذات الأحاديث، بدأت فصائلها تنقرض شيئاً فشيئاً، لعدم قدرتها على التلاؤم والتكيّف مع تغيّر المناخ في نهايات العصر الطباشيري الثلاثي منذ 65 مليون سنة، قبل أن تنقرض تماماً بعد اصطدام شهاب ضخم بشبه جزيرة يوكاتان المكسيكية، ودماراً هائلاً لمساحاتٍ شاسعة من الأرض. وها نحن نرى اليوم الكثير من مقلدي جمود الديناصورات، مُخالفاً أبسط بديهيات الكون ألا وهي التحوّل وعدم الثبات، حتى يوارى التراب دون أن يترك أثراً يُشار إليه! إنّ البعض يظن النجاح هو بعدد الزملاء على قائمة البلاك بيري أو بعدد المتتبعين على تويتر، وبالاثر الإيجابي الذي تتركه من ورائك، وكم هو محزنٌ "التدجين" الاختياري الذي يرضاه البعض لنفسه، وما قالوا فهو معهم في ذات الرأي. وجوده والعدم سيان، ولم يلوّن جدار الواقع الرمادي بألوانٍ زاهية من الإبداع الفكري والعملي، كما لا يُمدَح الجراد عندما يطير في ألوفٍ مؤلفة! لكنه الحماس الداخلي الذي لا نُحسن إبقاءه مشتعلاً، على أن نتلقى الأوامر لأداء كل شيء، ولم تُطوّر فينا خصلة التحفيز الذاتي بعيداً عن الدفع الخارجي لنا من الآخرين. ولا أقول هذا لأجد مُبرراً لهذه السلبية، فلا بد أن يعيد "شحن بطارية" همّته لوحده، لأن المثبطين و"النافخين" لإطفاء هذه الجذوة كُثر، بينما عدد سُكّانها يمُثّل 4. والمحزن أكثر أنّ إسرائيل - والتي لا تساوي أكثر من 2% من مجموع العرب - أودعت وحدها عام 2010، إذ سجّلت إسرائيل حسب بيانات المنظمة العالمية للملكية الفكرية "الوايبو"، ما قدره 1481، إنّ الكبد وجلد الإنسان يتجددان كل ستة أسابيع، لنعيد تجديدها بصفة دائمة ونطوّر من إمكانياتها، فهي لوحدها مما أوكل إلينا امتثالاً لقوله سبحانه: ((إنّ الله لا يُغيّر ما بقومٍ حتى يُغيّروا ما بأنفسهم))، بل لا بُد من بذل الأسباب. تتطلب منّا أن نُغيّر سلوكياتنا اليومية ونكتسب مهاراتٍ جديدة، ولن يتأتى ذلك دون قراءة ومجالسةٍ لمن يفوقوننا علماً وفكراً. فلنُشْغِل هذا الوقت بسماع أحد الكتب المسموعة، إنّ العالم لن يتوقف لنا إن لم نتغيّر ونلحق بمن سبقنا، كما أن الزمن ليس في صفنا فهو يمر بذات التسارع، ومن أراد التميّز وأن يكون ضمن "صانعي الفارق"، فلا بد أن يتعب كثيراً لتطوير ذاته،