تلك صورة الحركة النقد في العراق ، وهي على إيجازها تبين الطابع العام لهذا النقد في العصر الأموي واتجاهاته الرئيسية .وكما رأينا فإن هذا النقد كان أكثر ما يدور حول فحول الشعراء . وقـــــد أسهم في نقد شعرهم الرواة والشعراء والأدباء والنحاة ، وكانت تعقد حلقات النقد في الأسواق كمريد البصرة وكناسة الكوفة ، ومجالس الأدباء والعلماء .وقد سلك نقاد هذا العصر طرائق مختلفة ، فمنهم من توجه إلى المفاضلة العامة بين معاصريهم من الشعراء أو بين الشعراء الجاهليين ،ومنهم من التفت إلى المفاضلات الجزئية ، أو الى ما يصيب المعاني من فساد أو غموض أو قصور أو خطأ ، أو الى السرقات الشعرية التي أخذت بوادرهـــــا تظهر ويتردد الحديث عنها .ومنهم من حاول أن يكون موضوعياً فتجرد عن العصبية والهوى ، وحاول أن ينقد الشعر لذاته ولقيمته الفنية ، بغض النظر عن قائله أوولكن كان الى جانب ذلك بالعراق حركة أدبية نقدية أخرى قوامها أدب الخوارج الذي يعد خير ما يمثل الأدب الإسلامي الجديد في ذلك العصر.لم يكن الشعر لدى الخوارج غاية تهدف إلى الإتقان والتجويد والكمال الفني ، وإنما كان وسيلة وأداة الخدمة مذهبهم. ومن ثم نراهم يطوعون أغراض الشعر المختلفة لآرائهم الخارجيةو من سمات شعرهم أنه جديد في كل شيء . فهو جديد في موضوعه ، لأنه شعر مذهب حديث أو جده الإسلام واستمد عناصره السياسية والدينية منه . فكلها معان إسلامية مستوحاة من القرآن الكريم. ولهذا فهي أبعد ما تكون عن المعاني الجاهلية، إلا ما كان من الحملة على ما بدأ يظهر منها في المجتمع الإسلامي بفعل السياسة والعصبيات القبلية . وهو جديد في غايته لأن شعراء هم كانوا يقولونه بباعث من الجهاد في سبيل الحكم الصالح والنظام الذي لا يتطرق إليه الفساد.