سيتفتّت كبدك حين تعرف الامتيازات التي يحظى بها المبدعون في بعض دول العالم. أعرف كاتبة دانماركية حصلت من دولتها على منحة للتفرغ مدى الحياة للكتابة الإبداعية. من الأمور الطيبة في الكويت إجازة التفرغ للإنتاج الفني والأدبي، والتي تمنح للموظف لمدة 6 أشهر قابلة للتمديد لينجز فيها عملا أدبيا أو فنيا. يُشترط طبعا أن يكون الشخص ممن له "إنتاج معروف ومتميز في مجال العمل المطلوب التفرغ من أجله"، وأن يحصل مشروع العمل على موافقة اللجنة المختصة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. أخبركم عنه بعد قليل! جاء الرد بالموافقة من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب مشكورا، ورجعت لقانون الخدمة المدنية، هكذا تقول المادة، وكأن الإبداع لا يسطيع أن يسلك في عقول "العاملين في سلك التدريس"! تفكّرت، ما الغاية من هذا البند؟ أهي صون العملية التعليمية من الانقطاع مثلا؟ فخروج المدرس أثناء الفصل الدراسي سيسبب ارتباكا ولا شك. لكن لا يعقل أن يكون هذا سببا لمنع المدرس من الحصول على الإجازة من حيث المبدأ، لكن مهلا، اكتشفت أن هناك أنواعا أخرى من إجازات التفرغ كإجازة التفرغ الرياضي، وإجازة التفرغ العلمي، وإجازة التفرغ لتقديم عروض فنية، ولا تشترط أي منها ألّا يكون الموظف مدرّسا. فلماذا يُحرم المدرس من إجازة التفرغ للإنتاج الفني والأدبي تحديدا؟! أخذت أقلّب الأمر في رأسي ذات اليمين وذات الشمال، ماذا نعرف عنه نحن؟ فربما عرفوا ببصيرتهم الثاقبة الكاشفة أمرا نغفل عنه نحن. وبعد بحث طويل اهتديت للحكمة الخافية؛ فمن المعروف أن التدريس من المهن الشاقة، ومنعونا من هذه الإجازة ابتداءً. فينكشف للعالم عوارنا، وكيف أثر التدريس في قراتنا العقلية والإبداعية! لكن مهلا، أما كان يمكن أن يحاولوا ترميم ما يصيب عقولنا -نحن المدرسين-، مهلا، مهلا! ثبتت الرؤية أخيرا.