أحب الذي يشتغل بفكره فيبع من الترب ومن سديم خياله صوراً حية جميلة جديدة نافعة أحب ذاك الذي يجد في حديقة ورثها عن أبيه شجرة تفاح واحدة فيغرس إلى جانبها شجرة ثانية وذاك الذي يشتري كرمة تثمر قنطاراً من العنب فيعطف عليها ويدللها لتعطي قنطارين أحب الرجل الذي يتناول الأخشاب الجافة المهملة فيصنع منها للأطفال أو قيثارة حبلى بالأنغام أحب ذاك الذي يحول الطين إلى آنية للخمر أو للزيت أو للعطر وأحب الذي يحوك من القطن قميصاً ومن الصوف جبة ومن الحرير برفيراً أحب الحداد الذي ما أنزل مطرقته على سندانه إلا أنزل معها قطرة من دمه وأحب الخياط الذي يخيط الأثواب بأسلاك مشتبكة من نور عينيه وأحب النجار الذي لا يدق مسماراً إلا دفن معه شيئاً من عزيمته أحب جميع هؤلاء أحب أصابعهم المغموسة بعناصر الأرض أحب وجوههم بما عليها من سيماء الصبر والتجلد أحب حياتهم المشعشعة بجواهر الاجتهاد وفي قلبي حب للراعي الذي يقود قطيعه كل صباح إلى المروج الخضراء ويورده المناهل الصافية ويناجيه بشبابته النهار بطوله وعندما يأتي المساء يعود به إلى الحظيرة حيث الراحة والطمأنينة وأحب الرجل الذي يقيم من الصخور التماثيل والمنازل والهياكل