تتسم نظرة القانون الجنائي بالشمولية والاتساع عند حمايته الوظيفة العامة، إذ إن هذا القانون لا يستهدف حماية الوظيفة العامة فقط، إذ إن نظرة المشرع الجنائي للموظف العام تقوم على الاهتمام بالعلاقة التي تنشأ بين الدولة وجمهور المواطنين عن طريق الوسيط في هذه العلاقة، وهو الموظف العام حتى لو كان تعيين هذا الموظف قد صدر بإجراءات باطلة أو غير صحيحة أو غير مكتملة طالما انه صدر قرار بتعينه، ولم يقف المشرع الجنائي في ظل النظرة الشمولية للموظف العام عند حماية نزاهة الوظيفة العامة فقط، ولم يتقيد بالمفهوم الإداري للموظف العام في كل الحالات، وإنما يمكن القول بأنه اعتنق المفهوم الإداري للموظف العام في بعض النصوص وتوسع في أخرى، وذلك لاختلاف المصلحة المحمية في المجال الجنائي عنها في المجال الإداري لاختلاف الغاية في كلا القانونيين فالقانون الإداري يهدف إلى تنظيم العلاقة بين الموظف والدولة من حيث الواجبات والحقوق، بينما القانون الجنائي يهدف إلى حماية المصالح الإدارية العامة للدولة, من الأضرار والاعتداء عليها من قبل الأشخاص الذين يتصلون بالنشاط الإداري للدولة بحكم علاقة معينة تربطهم بالإدارة العامة(2). وبالتالي إذا كان المفهوم الضيق للموظف العام يصلح للعمل به في مجال القانون الإداري لكوْنه يتفق مع الغاية التي يهدف إليها المشرع منه,