ويبعث على العمل لصاحبه كالابتسام للحياة ولا شيء يضيع مواهب الإنسان ومزاياه كتشاؤمه في الحياة ليس المبتسمون للحياة أسعد حالاً لأنفسهم فقط؛ بل هم كذلك أقدر على العمل النافع، تنفعهم وتنفع الناس. والغابات باسمة، والبحار والأنهار والسماء والنجوم والطيور كلها باسمة، وكان الإنسان أيضاً بطبعه باسماً؛ لولا ما يواجهه من طمع وشر وأنانية تجعله عابساً. ومن أجل هذا لا يرى الجمال من عبست نفسه؛ والفكر نظيفاً، هناك نفوس تستطيع أن تخلق من كل شيء شقاء، ونفوس تستطيع أن تخلق من كل شيء سعادة، فهناك مثلاً المرأة في البيت التي لا تقع عينها إلا على الخطأ؛ فاليوم أسود لأن طبقاً كبر أو أنها عثرت على قطعة من الورق على الأرض؛ فتهيج وتغضب ويتعدى غضبها إلى كل من في البيت. وعلى من حوله من كلمة يسمعها فيفهمها فهماً سيئاً، فإذا الدنيا كلها سوداء في نظره، ثم هو يسودها على من حوله، المبالغة في الشر فيجعلون من الحبة قبة، وكذلك لا يفرحون بما عندهم ولو كان كثيراً. ولم يوجه أي جهد لترقية جانب الجمال والرحمة، والحب فيها ؟ أكثر الناس لا يفتحون أعينهم لمباهج الحياة؛ فقد كان الدينار وسيلة للعيشة السعيدة؛ وباعوا العيشة السعيدة من أجل الدينار، وقد ركبت فينا العيون لترى الجمال؛ فالفرصة سانحة لك وللناس، فعود عقلك الأمل وتوقع الخير في المستقبل، إذا اعتقدت أنك مخلوق الصغائر الأمور؛ ولكن لا عليك في ذلك ما دمت كل يوم تخطو إليه خطوة جديدة. فالذي يصد النفس، ويعبسها، ويجعلها في سجن مظلم هو الياس وفقدان الأمل. فهم يرون في كل طريق أسداً رابضاً، وينتظرون حتى تمطر السماء ذهباً، وإذا رأتها استكبرتها واستصغرت همتها بجانبها فهربت منها، وتعالجها فتبتسم، وتتغلب عليها فتبتسم. إن الصعاب في الحياة أمور نسبية؛ فكل شيء صعب جداً عند النفس العابسة، الثقة بالنفس فضيلة كبرى عليها عماد النجاح في الحياة، وعلى الكبر الزائف، أما الثقة بالنفس فاعتمادها يكون وتقوية ملكاتها، لا شيء أقتل للنفس من شعورها بصغر شأنها وقلة قيمتها، وأنها لا يمكن أن يصدر عنها عمل عظيم. هذا الشعور بالنقص يفقد الإنسان الثقة بنفسه،