كجواب على هذا الإشكال، يذهب سيغموند فرويد Sigmund Freud (185) - (1939) إلى التأكيد على أن اللاوعي أو اللاشعور هو المحرك الأساسي للسلوك الإنساني، كيفما كانت طبيعة هذا السلوك، وما الوعي إلا جزء ضيق النطاق من هذه المنطقة الكثيفة والعميقة من الحياة الإنسانية، وهذا ما يظهر جليا من خلال القول التالي: "إن اللاشعور هو الأساس العام للحياة النفسية، إنه أوسع منطقة تضم بين جوانبها منطقة الشعور التي هي أضيق نطاقا. ولإقناعنا بأطروحته، ساق فرويد مجموعة من الأفكار شكلت الهيكل الاستدلالي الأطروحته، استهلها بدحضه لذلك التصور الذي يرى في الوعي أو الشعور الخاصية الأساسية للحياة النفسية، وهذا يعنى أنه إذا أردنا أن نتحرى حقيقة السلوك الإنساني، فينبغي علينا ألا نبالغ في منح الشعور أو الوعي القيمة الكبرى لسبر أغوار حياتنا النفسية، لأن هذه المنطقة لا تشكل إلا جزء ضئيل من هذه الحياة، بل من منطقة اللاشعور، التي هي الأساس الحقيقي لواقعنا النفسي والتي نجهل عنها الكثير، ولتوضيح وجهة نظره حول فرضية وجود اللاشعور أو اللاوعي، قدم صاحب النص مثال ظاهرة الحلم Le Reve والهستيريا La Hysterie كشكل من أشكال الاضطرابات النفسية العصابية، فالحلم كظاهرة نفسية يصادفها المرء خلال نومه، لم تكن تحظى لدى العديد من الكتاب بالأهمية التي تستحق، لأنه كان ينظر إليها كمجرد نشاط للدماغ البشري له علاقة وطيدة بظاهرة النوم، ولا تمت بأي صلة إلى عالم الحياة اليومية للشخص النائم، وعكس ذلك يرى فرويد أن للحلم علاقة بحياة الفرد وبرغباته اللاشعورية المكبوتة، وعلى رأسها الاندفاعات الجنسية، وقد عبر فرويد عن هذا الارتباط العضوي بين الحلم واللاشعور بقوله: "إن تأويل الأحلام هو الطريق الملائكي المؤدي إلى معرفة اللاشعور Le Reve est la voie Royale de l'inconscient" ، فالنشاط الحلمي هو وسيلة للتعبير عن رغباتنا اللاشعورية التي لم تسمح الرقابة الاجتماعية بالإفصاح عنها ؛ فالحلم إذن في نظر فرويد هو دليل على وجود اللاوعي والاضطرابات النفسية العصابية كالهستيريا، التي تقدم هي أيضا دليلا لسيغموند فرويد على وجود اللاوعي أو اللاشعور، فالهستيري يعاني من نوبات عصبية شديدة العنف إلى حد أنها تسبب أحيانا العمى أو الصمم أو الشلل، وما يلاحظ في الأمراض النفسية لا يخضع لرقابة الوعي بل لها ارتباط بمنطقة اللاشعور. هذا المرض، أن النوبات الهستيرية تكون عنيفة، وتحدث على غير انتظار، وانتهي في الغالب بشكل مفاجئ أيضا، مما يعني أن هذا النوع من الأمراض النفسية لا يخضع الرقابة الوعي بل لها ارتباط بمنطقة اللشعور.