كما يؤثر أيضاً على حياته العاطفية والاجتماعية والمهنية (1) وعلى صحته النفسية (٣) وثقته بنفسه. لذا حاول الإنسان منذ القدم إخفاء آثار تلك العيوب وإن كانت بسيطة والتصدي لعلامات التقدم في السن وتنسيق القوام (1) والسعي لتحقيق الجمال والحفاظ عليه بشتى الوسائل المتاحة بإعتباره غذاء للنفس نظراً لما يخلقه لديه من شعور بالسعادة والثقة بالنفس فإتجه في بادئ الأمر إلى إستخدام وسائل التجميل (1) التقليدية البسيطة التي كانت موجودة آنذاك كالأعشاب ومستحضرات التجميل. لكن مع مرور الوقت ومع تطور مفهوم الجمال لم تعد هذه الوسائل أو حتى صناعة التجميل (۳) التي يجربها المختصين في مراكز التجميل المرخصة قانوناً (1) قادرة على تلبية الحاجات الجمالية المستجدة. لذا إندفع طالبي التجميل من الجنسين ومن كافة شرائح المجتمع طوعاً نحو المجال الطبي تحديداً التجميلي لإجراء عمليات التجميل وإن إضطرهم ذلك إلى الإستدانة لتغطية تكلفتها المرتفعة. تبوأ لبنان مرتبة هامة على صعيد السياحة التجميلية بفعل ذيوع شهرة وكفاءة أطباء التجميل الواسعة، لا سيما بعد أن ابتكرت المصارف اللبنانية ما يسمى ب "الفرض الشخصي للتجميل (). كما استفادت عمليات التجميل من التقدم الذي شهده المجال الطبي التجميلي على صعيد مواد التجميل (كالبوتكس السيليكون والكولاجين . كما لعب التطور الطبي التكنولوجي دوراً هاماً في هذا المجال عبر برامج الحاسوب وتطبيقات التجميل (photoeditor ) التي أفسحت المجالأمام الطبيب الإختيار المظهر الأكثر إنسجاماً وتناسقاً مع مقومات طالب التجميل الذي يقصده وتجسيد النتيجة التقريبية لعملية التجميل مسبقاً أمامه (1). وفي إستعادة التوازن النفسي والقيمة الشخصية المعنوية والإجتماعية (1) للإنخراط مجدداً في المجتمع بصورة طبيعية (1). وفي كلتا الحالتين غالباً ما يستعينون لتحقيق ذلك بأطباء تجميل يسيئون استعمال حقهم في المساس بجسم الإنساندون أي مبرر قانوني (1) بغية تحقيق منفعة مادية غير مشروعة خلافاً للرسالة الإنسانية للمهنة الطبية وأخلاقياتها (1). من الناحية الطبية عرف الدكتورLouis Dartigues) عمليات التجميل بأنها مجموعة العمليات المتعلقة بالشكل أي تلك التي تقتصر على علاج العيوب الظاهرة التي تؤثر على المظهر الخارجي للإنسان وتلحق الضرر بقيمته الشخصية والإجتماعية (1) دون أي تأثير على صحته الجسدية أو أنها ترمي الى مجرد تلبية رغبة الإنسان بتحسين مظهره وتناسق قوامه أما من الناحية الفقهية القانونية فلم يتوصل الفقهاء إلى تعريف موحد لهذه العمليات، إلا أنه وعلى الرغم من الشهرة التي حظيت بها عمليات التجميل مؤخراً وإتساع مجالاتها والإقبال الكثيف على إجراءها, حيث كشفت البرديات الدور الهام الذي لعبه الفراعنة في هذا المجال عبر إبتكار المعدات الجراحية التي استخدمت في عمليات شد الوجه وتجميل الأنف وترميم الكسور بغية الحفاظ على هيئة الأموات ). كما شهدت الحضارة الهندية القديمة إجراء أول عملية تجميل للأنف على يد الجراح الشهير (1) Sushruta الذي ابتكر أول تقنية لترقيع الجلد. إستخدمت أنذاك الإخفاء آثار الندبات الناتجة عن عاداتهم بتشويه وجه السارق والزانية لما تمثله من وصمة عار بالنسبة لهم في المجتمع. لكن على الرغم من نشوء عمليات الجراحة الترميمية التي تعرف أيضاً ب "الجراحة البلاستيكية التقويمية أو جراحة التشوهات (۳) في العالم القديم، كما تولى تدريب أكبر عدد من الجراحين بنفسه (۲). حيث ظهرت لأول مرة في الولايات المتحدة على يد الطبيب Charles Miller) الذي عرف ب أبو الجراحة التجميلية لكونه أول من إختص في هذا المجال قبل أن يتم الإعتراف بها (1) كأحد فروع الجراحة العامة في العديد من دول العالم. وإذا كانت هذه العمليات قد إنتشرت بداية بين نجوم الوسط الفني () وأفراد الطبقة المترفة بإعتبارها جراحة الترف" نظراً لتكلفتها المرتفعة ، فسرعان ما أصبحت جراحة العصر (1) بإعتبارها "موضة" والخبز اليومي () للعديد من طالبي التجميل من الجنسين من مختلف الأعمارالذين يتهافتون طوعاً لإجراءها دون أن تبقى حكراً على طبقة معينة. من الناحية القانونية على الرغم من إنتشار عمليات التجميل وأهمية الدور الذي تلعبه على صعيد السياحة التجميلية والإقتصاد فإن المشرع اللبناني لم ينظمها ضمن القوانين الطبية أو يحدد ماهيتها بموجب تقنين خاص. حيث أنه وإذا كان قد إعترف (1) بجراحة التجميل والترميم كأحد فروع الجراحة وإدراجها ضمن قائمةالاختصاصات الطبية الجراحية وحدد مدة التخصص بها بخمس سنوات من ضمنها سنتين في الجراحة العامة. أما المشرع الفرنسي فقد إعترف منذ العام (۱۱۱۹۸۸) بهذا النوع من الجراحة كأحد فروع الجراحة العامة () تحت تسمية جراحة التقويم والتجميل Chirurgic Reconstructive et esthetique أو الجراحة البلاستيكية (1) Chirurgie Plastique. كما أدرج بموجب المرسوم رقم ٢٠٠٥/٧٧٦) فصل ثالث على القانون المذكور يختص بجراحة التجميل وحدد الشروط التقنية الواجب توفرها لترخيص منشآت الجراحة التجميلية بموجب المرسوم يقتضي البحث في المسؤولية المدنية لطبيب التجميل أن نوضح أولاً بأنه ينضوي ضمن مفهوم "عمليات التجميل مجموعة من الأعمال الطبية الجراحية تعرف ب عمليات الجراحة التجميلية الصرفة ) وأخرى غير جراحية تعرف ب عمليات التجميل الطبي ), إلا أن كلاهما يؤلفان إختصاصاً طبياً متكاملاً ويتجهان الى طالب التجميل الذي يسمى أيضاً ب "الزبون" أو "المستفيد". يتولى إجراء هذه العمليات في الأصل ) طبيب مختص (۸) في مجال التجميل والترميم مسجل أصولاً لدى إحدى نقابتي الأطباء (1) في بيروت أو طرابلس ممن يكون مصرحاً له بمزاولة المهنة من قبل وزارة الصحة العامة اللبنانية وعضواً في الجمعية اللبنانية لجراحي التجميل والترميم التي تعتبر جزء من نقابة الأطباء (١٠). يتولى الطبيب إجراء عمليات الجراحة التجميلية في إحدى المستشفيات المجهزة سواء عن طريق شق الجلد وخياطته باستخدام أدوات الجراحة التقليدية كالمشرط العادي أو الكهربائي الخيط التجميلي المكيس الطبي . تحت تأثير التخدير الموضعي أو العام أو عن طريق الجراحة المجهرية. - معالجة العيوب الناجمة عن الوظائف الطبيعية للجسم (1) كتمدد جدار البطن نتيجة إنقاص الوزن أوالحمل المتكرر, مجرد تلبية الرغبات الجمالية المتجددة لطالب التجميل تبعاً لمعايير الجمال السائدة ) في مجتمع معين في زمن معين كعملية تجميل الأذن الشفاه الخدود والثدي (1), أما فيما خص عمليات التجميل الطبي فيتولى الطبيب إجراءها في عيادته الخاصة (1) أو في أحد مراكز التجميل الطبية المرخصة قانوناً (1) نظراً لكونها تقتصر على التجميل السطحي للجلد وذلك بغية التخفيف من آثار الشيخوخة وتأخيرها ومساعدة الفرد على تقبل شكله الجديد كعلاج مشاكل البشرة وتقشيرها شد التجاعيد ملء الشفاه والخدود زرع الشعر في الرأس إزالة الشعر من الجسم التنحيف وغيرها من العمليات المماثلة ). وفي سبيل تحقيق ذلك يستخدم الطبيب التقنيات الطبية الخالية من التخدير العام كالحقن بمواد دهنية مأخوذة من الجسمLipofilling) أو بمواد مسموح بها علمياً ومرخصة من قبل وزارة الصحة العامة كالبلازما, علماً بأن المشرع اللبناني (1) ترك المجال مفتوحاً أمامه للإستعانة بكل ما قد يظهر في المستقبل من أعمال ووسائل تجميل طبية تتطلب مهارة طبية وعلمية متخصصة بغية حثه على مواكبة المستجدات العلمية في هذا المجال. إلا أنه وفي مقابل التطور الملحوظ الذي شهده المجال الطبي التجميلي. لذا وإنطلاقاً مما تقدم يطرح موضوع البحث الإشكالية الرئيسية التالية من يتحمل مسؤولية الأضرار الناجمة عن الأخطاء الطبية في مجال عمليات التجميل في ظل الفراغ التشريعي اللبناني؟ ما هو الأساس القانوني للمسؤولية المدنية لطبيب التجميل وما هو نطاق تلك المسؤولية؟ كيف تنعكس خصوصية هذه العمليات على صحة تطبيق القواعد العامة للمسؤولية المدنية, وما هي العقبات التي تواجه القضاء اللبناني؟ ويتفرع عن الإشكالية الرئيسية عدة تساؤلات أهمها: ما هي طبيعة العلاقة القائمة بين طبيب التجميل وطالب التجميل؟ ما هي مصادر التزام طبيب التجميل وما هي طبيعتها القانونية أهي التزام بموجب وسيلة أم بموجب نتيجة وهل تتسم بأي ميزة خاصة مقارنة بالتزامات الطبيب العادي؟ ما مدى تأثير تطور التقنيات الطبية التجميلية على طبيعة التزام طبيب التجميل وهل من الممكن إلزامه بتحقيق نتيجة جمالية معينة؟ ما هي الأركان القانونية اللازمة لترتيب المسؤولية المدنية بحق طبيب التجميل،