مفهوم السياسة والسلطةوالإدارة يمكن تعريفها بأنها فن ممارسة حكم المجتمعات الإنسانية أو فن التدبير كذلك فإن السياسة تعتبر عملية من عمليات الحكم الاجتماعي تتضمن التعاون وحل التناقضات بين أفراد وجماعات المجتمع باستخدام السلطة السياسية وإن استلزم الأمر يُستخدم الإجبار لضبط سلوك الناس بما يتلاءم مع مصالح الجماعة أو المجتمع ككل. وهناك علاقة وثيقة بين النظام السياسي وبين الظروف الاجتماعية والاقتصادية السائدة في كل مجتمع. هذا الصراع موجود في كل المجتمعات والجماعات الاجتماعية حتى في نطاق الجماعات القرابية مثل العائلة والأسرة، ففي هذا النوع من المجتمعات تتمثل السياسة في رأي لوسي مير Lucy Main في حل المشكلات والخلافات بين الجماعات القرابية أنا وأخويا على ابن علي فما بما يحقق مصلحة الجماعة القريبة أو المباشرة ويحافظ على وحدتها وكيانها واستقرارها، أرسطو عن هذا الاتجاه عندما ذهب إلى أن السياسة هي كل ما يحقق الحياة الخيرة في المجتمع ويحقق الاستقرار والتنظيم والاكتفاء الذاتي. باستخدام المنهج العلمي لتحليل الظواهر والكشف عن العلاقات السببية بين الظواهر السياسية وبين غيرها من الظواهر الاجتماعية بهدف الوصول إلى القوانين التي تحكمها وتحكم حركتها في المجتمعات المختلفة وتحاول التنبؤ باتجاهاتها في المستقبل. تعتبر مقدمة ابن خلدون دراسة في النظرية السياسية وأيضا دراسة للأنساق السياسية في المجتمعات العربية التقليدية ومقارنة بين المجتمعات البدوية والحضرية في زمان معين وبخاصة في شمال إفريقيا. وقد ربط ابن خلدون بين النسق السياسي وباقي الأنساق مبينا تنظيم سياسي يوجه وينظم الاجتماع الإنساني (علم العمران البشري ضرورة وجود علم الاجتماع وقد أعطى تصنيفا لأشكال التجمع البشري في ضوء عامل اقتصادي أسلوب المعاش - طريقة العيش من البداوة إلى الحضارة أو من الحصول على ما هو ضروري وبسيط إلى ما هو كمالي وفيه ترف ورفاهية. وعندما قام ابن خلدون بدراسة الجماعات القرابية والسياسية في كل من المجتمع البدوي والحضري اعتمد على تحليل المعلومات الإيكولوجية والاقتصادية والدينية وهذا يشابه الاتجاه البنائي الوظيفي في الأنثربولوجيا. وهو مفهوم اجتماعي إلا أنه مفهوم سياسي في المقام الأول يساعد على دراسة النظم التنظيمات السياسية في المجتمعات البدوية والحضرية. هذا المفهوم يقوم على أساس علاقات النسب الأبوي الصريح والحقيقي وقد يقوم على نسب الولاء والحلف. هؤلاء البدو يعيشون في جماعات صغيرة نسبيا ويتولون مسئولية حماية مجتمعهم والدفاع عنه بالاعتماد على قوتهم الذاتية. وقد ربط ابن خلدون مفهوم العصبية بالتضامن الاجتماعي والشعور الجمعي والوطنية والتكتل والانتماء والوحدة والالتحام لتحقيق متطلبات الحماية والدفاع والأخذ بالثأر وتقديم العون والمساعدة إلى كل من يحتاج لها من أعضاء (العُصبة) مما يؤدي إلى المحافظة على كيانها واستمرارها في الوجود كوحدة متمايزة وقائمة بذاتها اجتماعيًّا وثقافيا وتقوم العصبة على ركيزة أساسية هي النسب الأبوي القرابة العاصبة agnatic kinship) فهي جماعة قرابية أساسا إلى جانب أنها جماعة إقليمية اقتصادية وسياسية في المجتمع البدوي حيث لا توجد سلطة مركزية للدولة. وقد ركز ابن خلدون في معالجته لنسق العصبة أو ما يعرف الآن بنسق البدنه على موضوعات : العضوية - التمايز الداخلي - الالتزامات المتبادلة التنظيم السياسي ثم أخيرًا عملية الالتحام وهي تحدث بشكل واقعي في المجتمع البدوي وهي عملية ذات طابع سياسي تكشف عن أيديولوجية أبوية تؤثر بقوة في التنظيم الاجتماعي والسياسي وهي قوة دافعة للتغير الاجتماعي والبنائي ويؤدي الالتحام بين العصبات وتكتلها إلى تحقيق القوة السياسية والفوز بالسلطة. وأخوة التبني وكلها أنواع من علاقات الأخوة في إطار القرابة الحقيقية والمتخيلة) وذهب إلى أن السياسة تعتبر نشاطا إنسانيًّا اجتماعيا يتسم بالمهارة والفن. وقد ذهب مونتسكيو إلى أن كل نظام من هذه النظم الثلاثة يظهر تحت ظروف اجتماعية واقتصادية معينة بحيث إن نوع الحكم وأسلوبه يرتبط بطبيعة التنظيم الاقتصادي والاجتماعي السائد بل أن مونتسكيو يربط بين الأحوال الجوية وطبيعة التضاريس وبين نوع الحكومات. وتتلخص نظريته في أن الإنسان قبل أن يتعقد المجتمع وتظهر الدولة كان يعيش على الفطرة وفي حالة من المساواة الطبيعية أو العدالة ثم انتقل إلى حالة الاجتماع البشري أو المجتمع مع ظهور الزراعة بجانب الأنشطة الأخرى كالصيد والرعي مما أدى إلى وجود التنوع والتفاوت وظهور مفاهيم الملكية الخاصة وتكوين العائلات نتيجة للتزاوج والاستقرار مما أنهى حالة المساواة بين الناس وظهور أفكار المنافسة والتفوق والتفاوت الطبقي والصراعات بين الطبقات وتضارب المصالح وقد واكب ذلك حدوث الثورة الصناعية وظهور نظام تقسيم العمل والتخصص المهني مما أدى إلى ظهور المجتمع السياسي الحديث وهذا المجتمع يقوم على فكرة العقد الاجتماعي Social Contract الذي يُنهي حالة الطبيعة ويُنشئ المجتمع وهذا العقد الاجتماعي كما جاء في كتابه الذي يحمل نفس هذا الاسم ليس مجرد عقدًا افتراضيا ينقل الجنس البشري من الحالة البدائية أو الطبيعية ومن المساواة إلى حالة حديثة تقوم على التفاوت وعدم المساواة وعلى علاقات الإنتاج بوصفها القوى المحركة للتاريخ. فالدولة هي المجتمع السياسي كله الذي اتفق الناس على إقامته في العقد الاجتماعي وتظهر في صورة الإرادة العامة والحكومة تشير إلى الشخص أو الهيئة التي عينها المجتمع لتنفيذ إرادة السيادة وذلك بتنفيذ القوانين الصادرة عن الإرادة العامة. فهي الإرادة العامة أو الصالح العام General Willd إرادة المجتمع – الروح العامة فهي مصدر القانون وصاحبة السلطة التشريعية وهي التي تسيطر على قوة الدولة .