إنّ الحديث عن الموسيقى بمجرّد ذكر عناصرها ومفرداتها وتقنيّاتها، هو حديث غير مكتمل خاصّة إذا جاء على لسان الممتهنين لصناعة الموسيقى أو الموغلين في المعرفة الأكاديميّة الصرفة. كان لالتقاء الموسيقى بمجالات العلوم الإنسانيّة1 والدراسات التطبيقيّة، الدور الكبير في خلق أرضيّة معرفيّة جديدة مهّدت لاكتشاف الموسيقولوجيا2. كما أنّ تعدّد المدارس والتنظيرات والمقاربات والمفاهيم، أدّى تدريجيّا إلى تنامي الإشكاليّات المعرفيّة والقضايا المنهجيّة التي حالت دون القدرة على فهم هذا الاختصاص واستيعاب دقائقه. ففي هذا الحقل المعرفي، يتقدّم الباحث أحيانا ليمتهن مهنة المؤرّخ وعالم الاجتماع واللّساني والفيلسوف، وأحيانا أخرى مهنة عالم الصوت وعالم الرياضيّات وعالم الإثنولوجيا وعالم البيداغوجيا وعالم البسيكولوجيا وعالم الأنتروبولوجيا…، هي جملة من الانتسابات المعرفيّة جعلت من الموسيقولوجيا، محلّ انتقادات مثيرة حولها الكثير من التحفّظات. إنّ الموسيقولوجيا تسعى من خلال أبحاثها ونتائجها إلى فهم الغموض الموسيقي أوّلا، ثمّ إلى إفهامه عن طريق خطاب علمي واضح ودقيق (Becha, ولكن ليس بإمكانه أن يضيف شيئا إذا ما أردنا فعلا الحصول على موسيقولوجيا متفحّصة ومتحذّرة. جاء هذا المقال ليسأل مجدّدا سؤال الموسيقولوجيا ويعزّز مشروعيّتها ولزوميّتها.