## تكليف السكران والسفيه والمعدوم والكافر **مسألة تكليف السكران:** يُفقد السكر العقل ويُظهر أثره في التمايل وتلعثم الكلام. اتفق الأصوليون على عدم تكليف السكران بغير محرم، كالمضطر أو المتداوي بالبنج، لأنّه لا يُلام على سكره ولا يقع طلاقه لعدم قصده. بينما في حالة زوال العقل بمحرم، كشرب الخمر، اتفق الأصوليون على حرمة شرب الخمر ووجوب الحدّ الشرعي فيه. اختُلفَ في تكليف السكران، فالجمهور يرى عدم التكليف لغياب العقل وعدم فهمه للخطاب الشرعي. ذهب بعض الأصوليين إلى تكليف السكران وثبوت أهلية الوجوب والأداء في حقه. رغم ذلك، يُعامل السكران وفق أحكام المكلفين، إما بمعاملته بنقيض قصده أو بإجراء أحكام الحكم الوضعي عليه، فيقع طلاقه ويقتص منه إذا قتل ويضمن جميع ما يقوم بإتلافه. بينما يرى الفريق الآخر اعتبار تصرفات السكران ومؤاخذته بشكل كامل، فتصحح تصرفاته المالية ويُلزم بالضمان فيما يُتلف. **مسألة تكليف السفيه:** السفه هو خفة تبعث الإنسان على العمل في ماله خلافاً لمقتضى العقل، مع عدم اختلال العقل. السفه لا ينافي أهليّة الوجوب والأداء عند المكلف، لوجود العقل والقوى الظاهرة في الإنسان السفيه. لذلك، لا يُؤثّر السفه على أهلية الإنسان ولا يمنع من أحكام الشرع. يظل السفيه مكلفاً بالعبادات ويُحجر على ماله لحمايته من الضياع. **مسألة تكليف المعدوم:** المعدوم هو الشخص الذي لم يُخلق أصلاً. كيف يُكلف من غير موجود؟ التكليف في هذه الحالة هو تعلق صلوحي، أي أن الخطاب الشرعي يُصلح لأن يتعلق بالإنسان متى توافرت فيه شروط التكليف. يصبح التكليف تنجيزياً عند وجود الإنسان، أي أن خطاب الله يتعلق بالفعل بالمكلف إذا كان بالغاً عاقلاً وتأهل للخطاب. دليل تكليف المعدوم: أننا في عهد النبي ﷺ كنا معدومين، ومع ذلك تعلق بنا خطاب الله تعلقاً صلوحياً. أما الآن وبعد أن وجدنا بالغين عاقلين متأهلين للخطاب، فخطاب الله يتعلق بنا تعلقاً تنجيزياً. **مسألة تكليف الكافر بفروع الشريعة:** الشروط الأساسية للتكليف هي: البلوغ والعقل وبلوغ الدعوة وتأهل الخطاب. هذه الشروط موجودة في الكافر، مما يُثير سؤالاً حول تكليفه مع كفره. لا خلاف في أن الكفار مخاطبون بتوحيد الله والإيمان به، لأن الله ما أرسل الرسل إلا لتوحيده والإيمان به. لا خلاف أيضاً على مخاطبة الكفار بالشرائع والنبوات، فمن كفر بالشرائع والنبوات يُعاقب. لا خلاف في أن الكفار مخاطبون بالعقوبات، فمن قتل يُقتل ومن سرق تُقطع يده. يُجرى على الكافر أحكام النواهي، فمن خالف يُعاقب على ترك الإيمان بالله والرسل. يشير ابن السمعاني إلى أن الكافر مخاطب بالإيمان بالرسل وإذا لم يسلم يُعاقب على ترك الإيمان بالرسل والله، وأن الإيمان بالرسل لا يُصح إلا بشرط تقديم الإيمان بالله.