الدولة الموحدية : 524-667ه/1130-1269م وقد امتاز بمواظبته على الدراسة والصلاة، إلى حد أنه اشتهر لدى قبيلته باسم أسفو أي المشعل ، حيث زحف ابن تومرت وأتباعه على مراكش وفرض عليها الحصار أربعين يوما ولكنه تعرض للهزيمة في آخر المطاف وقتل بعض قادته الكبار وجرح هو وتوفي متأثرا بها وقد نجا في المعركة عبد المؤمن بن علي الذي بايعه الموحدون سرا سنة 526ه/1132م. نظامها الحكومي: ذكرت المصادر التاريخية أن عبد المؤمن استمر في محارب المرابطين واستولى على مناطق كثيرة بالمغرب الأقصى وفرض الحصار على مراكش عدة شهور وفتحها سنة 541ه/1147م ، وقتل آخر أمراء المرابطين إبراهيم بن تاشفين ووضع حدا لدولة المرابطين في المغرب، كما قضى على النورمان واستولى على ممتلكات الدولة الزيرية في المغرب الأدنى وعاصمتهم المهدية سنة 555ه/1160م، وبالنسبة لمذهبهم فقد كان خليط من المذاهب فقد أخذوا بعض عقائد المعتزلة وأخذوا من المذهب الأشعري في مجال الصفات ، وتعرض الموحدون إلى بعض الهزائم القاسية من طرف النصارى منها حصن العقاب سنة 609ه/1212م، وقد انقسم المغرب على اثر ذلك إلى ثلاثة دول هي الحفصية في المغرب الأدنى والزيانية في المغرب الأوسط والمرينية في المغرب الأقصى ، واستولى بني نصر ( بني الأحمر) على الأندلس. العلاقات الخارجية: لقد كانت العلاقات مع المرابطين علاقة حرب وعداء ونفس العلاقة ربطت الموحدين بالزيريين في افريقية والحماديين في المغرب الأوسط، فقد مر ابن تومرت المؤسس الفقهي للدولة الموحدية في حدود سنة 505ه/1111م على مدينة بجاية الحمادية وأظهر سخطه من الأوضاع الدينية والسياسية والاجتماعية السائدة آنذاك ، حركة الأسطول: قال ابن خلدون:وفي هذا الدليل على اختصاص ملك المغرب بالأساطيل ولئن تخلف المنصور من النجدة صلاح الدين واعتذر عن نصرته يومئذ فإنما كان ذلك اقتصاصا من الأمير الأيوبي حيت ترك خليفته أو نائبه "قاره قوش الغزي" يقف ضد الموحدين أيام ثورة بني ابن غانية فيقوم بغارات متوالية على أطراف دولة الموحدين الشرقية في طرابلس فكان صلاح الدين لذلك يعتبر في نظر سياسة الموحدين عدوا تجب مقاطعته على أن أسطول الموحدين يومئذ لم يكن عاطلا بطالا بل كان يعمل هو بدوره كذلك على محاربة الصليبيين بالأندلس الذين كانوا اشد على المسلمين بالمغرب من الصليبيين بالمشرق كما ان له فضلا كبيرا في منع الصليبيين والعمل على عرقلتهم هنا عن اتصالهم ببلاد الشام مع اشتغاله برد هجمات ابن غانية الثقافة والحضارة والعمران: إذ كان مؤسسها المهدي من أيمة التفكير الديني و كان أول خلفائها عبد المؤمن بن علي عالما متمكنا واسع الأفق ، أما الصناعات والفنون والأعمال الهندسية والميكانيكية والتقنية كانت معروفة لذلك العهد منتشرة رائجة . مثلا مدينة فاس كان بها 3064 معملا النسيج و400 حجرة للكاغد، و116 دارا للصباغة، و86 للدبغ ، و74 لصناعة الصابون وداران للسكة و12 معملا لسبك الحديد والنحاس و11 مصنعا للزجاج و135 فرنا للجير وكل هذه المعامل كانت خارج المدينة فعم الرخاء في ذلك الوقت. وإذا نظرنا إلى مخلفات هذه الدولة وآثارها المعمارية وجدناها شاملة لكل أنواع العمارة ، انهيار الدولة الموحدية : لقد يدأ تدهور الدولة الموحدية منذ وقعة العقاب بالأندلس سنة 609ه/1212م، ثم جاءت وقعة بينهم وبين بني مرين وقعة عام المشغلة سنة 613ه/1216م، فخلت البلاد وقل الخراج وفقدت الأنصار ، فاضطربت الأحوال وتناقضت الأعمال واختلفت الكلمة وانتشرت الرشوة بين أعضاء الأسرة المالكة فغدت المناصب والوظائف مثل البضائع في السوق تباع وتشترى بين الزبائن ، ونجد في حديث لابن خلدون عن الأيام الأخيرة التي بدأ فيها تصدع ملك الموحدين واندثار عقد دولتهم ذاكرا لآخر خلفائهم أبي الحسن السعيد ، فابن أبي حفص اقتطع افريقية ثم يغمراسن بن زيان وبنو عبد الواد اقتطعوا تلمسان والمغرب الأوسط فأقاموا فيها دعوة ابن أبي حفص ، وابن الأحمر بالجانب الآخر مقيم لدعوة ابن أبي حفص ، وأخيرا كان سقوط عرش الدولة المودية بيد المرينيين حيث احتل هؤلاء مراكش سنة 668ه/1269م، ط2 . الجزائر 1984.