ومؤسس هذه الدولة مملوك من مماليك السامانيين الذين تدرجوا في الرقي إلى أن بلغوا مرتبة الامارة ، وهو الأمير البتكين الذي ولاه السامانيون في بادىء الأمر على خراسان ثم على ولاية غزنه في قلب جبال سليماني شمالي الهند . وهناك استطاع البنكين بفضل مماليكه الاتراك أن يقيم دولة مستقلة عن السامانيين الا من ناحية التبعية الاسمية وهي الدولة الغزنوية . وبعد وفاة البتكين ، آلت الأمور إلى زوج ابنته ومملوكه ناصر الدين سبكتكين الذي حارب بأسم السامانيين في سهول الهند الشمالية وفتح بست و قصدار سنة 368 هـ ( 978 م ) وهزم جيوش جيبال راجا لاهور وشتت شملهم على حدود البنجاب ثم ما لبث أن أسر جيبال نفسه ثم أطلق سراحه بعد أن تعهد بدفع الجزية . فسبكتيكين يعتبر المؤسس الحقيقي للدولة الغزنوية . وجاء بعد سبكتكين ابنه محمود الغزنوي ( 388 ـ 421 ه‍ )(998 ـ 1030 م ) الذي بلغت الدولة أوجها في عهده ، اذ انه الغى اسم السامانيين من الخطبة في مملكته وخطب للخليفة العباسي القادر بالله الذي أنعم عليه بلقب يمين الدولة وأمين الملة . ويؤثر عن السلطان محمود الغزنوي أنه غزا بلاد الهند اثني عشرة مرة مدفوعا في ذلك بعامل الجهاد الديني والرغبة في نشر الاسلام بين الهنود الوثنيين. واستطاع بذلك أن يبسط نفوذه إلى ما وراء تشمير والبنجاب وأن يجعل من اقليم البنجاب ولاية اسلامية قاعدتها مدينة لاهور ويحكمها ولاة وهكذا تعتبر الدولة الغزنوية أول دولة اسلامية في الهند . ومن المعروف أن هذه الاقاليم الشمالية الهندية التي انتشر فيها الاسلام مثل السند والبنجاب والبنغال تكون ما يسمى الآن بدولة الباكستان الإسلامية . ولقد سادت الثقافة الفارسية أيضا في عصر الغزنوبين رغم أنهم أتراك حتى إنه يقال بأن اللغة الأردية التي هي لغة الهند والباكستان وهي مزيج من الفارسية والسنسكريتية ، ظهرت على عهد محمود الغزنوي، هذا وقد سبقت الإشارة إلى الشاعر الإيراني الفردوسي أعظم شعراء الفرس الذي عاش في كنف هذه الدولة ونال جائزة السلطان محمود الغزنوي على ملحمته الخالدة و الشهامه : كذلك تذكر المؤرخ أبا نصر العتبي ( 428 ه‍ ) الذي كتب تاريخا عن حياة محمود الغزنوي وجهاده إلى سنة 409 هـ وسماه تاريخ اليميني ( نسبة إلى لقبه يمين الدولة ) وقد ألف هذا الكتاب باللغة العربية الأهل العراق لما رآه من كثرة كتابات الأدباء باللغة الفارسية عن السلطان محمود . كذلك عاش تحت كنف الغزنويين في غزنة العالم المؤرخ أبو الريحان البيروني الخوارزمي ( 440 هـ ) الذي ألف عدة كتب بالعربية والفارسية نذكر منها كتاب القانون المسعودي الذي أهداه إلى السلطان مسعود بن محمود الغزنوي وكتابا في الأحجار الكريمة أهداه إلى السلطان مودود بن مسعود . هذا إلى جانب تاريخه المشهور و الآثار الباقية عن القرون الخالية ، الذي تحدث فيه عن الجماعات والطوائف والشعوب القديمة مع ذكر أعيادها واحتفالاتها الدينية والقومية . وقد نشره وترجمه إلى الانجليزية ادوارد سخاو . وأخيرا وليس آخرا نشير إلى المؤرخ الفارسي أبا الفضل محمد بن حسين البيهقي ( 470 ه‍ ) الذي كتب بالفارسية تاريخا للسلطان مسعود ووالده محمود الغزنوي ، عرف بتاريخ البيهقي