كان غريبا أن تسأل طفلةٌ صغيرة مثلها إنسانا كبيرا مثلي لا تعرفه في بساطة وبراءة أن يُعدّل من وضعِ ما تحمله، ففوق رأسها تستقرّ "صينيّة بطاطس بالفرن"، وفوق هذه الصينيّة الصغيرة يستوي حوض واسع من الصاج مفروش بالفطائر المخبوزة، ولم تطل دهشتي وأنا أحدّق في الطفلة الصغيرة الحيرى، وتلمّست سُبلا كثيرة وأنا أُسوّي الصينيّة، وأعدّل من وضع الصاج فتميل الصينيّة، ولست أدري ما دار في رأسها، فما كنت أرى لها رأسا، كلّ ما حدث أنّها انتظرت قليلا لتتأكّد من قبضتها، ولا عن ثوبها القديم الواسع المهلهل الّذي يُشبه قطعة القماش الّتي يُنظَّف بها الفرنُ، أو حتّى عن رجليها اللّتين كانتا تُطلّان من ذيله الممزَّق كمسمارين رفيعين. حتّى امتصّتني كلُّ دقيقة من حركاتها، فقد كنتُ أتوقّع في كلّ ثانية أن تحدُث الكارثةُ. واستأنفت سيرها على الجانب الآخر، وكادت عربةٌ تدهمني وأنا أُسرع لإنقاذها، وحين وصلتُ كان كلّ شيء على ما يُرامُ، والحوض والصينيّة في أتمّ الاعتدال، فمن جديد راحت مخالبها الدقيقة تمضي بها، وألقت على الكرة والأطفال نظرة طويلة.