أسباب وجود نظرية للمحاسبة: لا يمكن لأي نظام أن يتطور إلا إذا كان لديه أساس نظري قوي، حيث أن الممارسة يجب أن تغلف بنظرية سليمة. بدأت المحاسبة بالتطبيق قبل التنظير، بينما تبدأ العلوم الأخرى بالتنظير قبل التطبيق (مثل الجراحة). لذلك، كان التنظير آخر شيء فكرت فيه المحاسبة، وبالتالي، حتى منتصف القرن العشرين كانت تُنظر إلى المحاسبة على أنها مجرد فن. بعد ذلك، بدأ التفكير في ضرورة وجود إطار نظري لتطوير المحاسبة. نحن بحاجة إلى التنظير لفهم ما يحدث حولنا أو في أماكن أخرى حتى لو لم نكن حاضرين منذ البداية. نحتاج إلى التنظير لتفسير الأحداث التي تجري حولنا، ولماذا تحدث هذه الأحداث بالطريقة التي حدثت بها. نحتاج أيضاً إلى التنظير لمعالجة المشاكل التي حدثت بالفعل أو قد تحدث في المستقبل. ونحتاج إلى التنظير في المحاسبة لمعالجة المشاكل التي قد تحدث في المستقبل ولن تستطيع المحاسبة القائمة معالجتها لأنها لم تتوقعها من قبل، مثل مشكلة المحاسبة الاجتماعية ومحاسبة الموارد البشرية. فنحن نحتاج إلى التنظير في المحاسبة مثل مشكلة استخدام التكلفة التاريخية في تقييم الأصول وما ينتج عنها من تفسيرات عديدة. كما تؤثر التكلفة التاريخية على المعادلة المستخدمة لتحديد التكلفة، وما إذا كان ينبغي أن تقوم على معادلة الوارد أولا يصرف أولا؟ أو ما يرد أخيرا يصرف أولا؟ ... الخ. فالمحاسبة التي تقوم على التكلفة التاريخية، على سبيل المثال، تكون معيبة في ظل وجود تضخم جامح. وقد فتح هذا الأمر في التاريخ المحاسبي بابًا واسعًا للتنظير والبحث عن المعالجة الممكنة لتأثير التضخم على القوائم المالية. كما أن في المحاسبة مبادئ وأحداث تعتبر خصبة للتنظير في المجال المحاسبي. من كل ما سبق، يمكننا القول أن وجود نظرية للمحاسبة ضروري لعدة أسباب، من أهمها: - عدم الاتفاق على معنى واحد أو عدم وضوح وعدم تحديد المعنى المراد لكثير من عناصر المحاسبية. - افتقار الفكر المحاسبي إلى الترابط بين مكوناته المختلفة، بل على العكس نجد هناك تعارض واضح بينها. من أمثلة هذا التعارض سياسة الحيطة والحذر واستخدام التكلفة التاريخية كأساس لتقييم الأصول الثابتة من ناحية، وفرض الاستمرارية من ناحية أخرى. - عدم توافر معالجات موحدة للعديد من الأحداث المحاسبية المتشابهة، وهو ما حال دون استخدام القوائم المالية في المقارنة (الزمنية، المكانية). - تباين الممارسات المحاسبية لا ينصب فقط على الطرق التي يستخدمها المحاسب في إنتاج المعلومات، بل يمتد ليشمل أساس التقويم والقياس، وكذلك مستوى الإفصاح المحاسبي الذي يرغب المحاسب بإعلانه في القوائم المالية. - ليس هناك أساس علمي يمكن الاعتماد عليه للمقارنة والمفاضلة بين البدائل المحاسبية، حيث لا يجد المحاسب سوى اللجوء إلى التقدير الشخصي.