لم يجئ الببغاء الصغير إلى بيتي. وقال في نفسه: «هؤلاء لن يؤذوا ببغاء صغيرا!» وجد الببغاء الصغير كلام الرجال مسليا جدا. طار الببغاء الصغير إلى أبويه مذعورا، فظلت حينا لا تقوى على الكلام. لكن الببغاء الصغير كان يريد أن يفتح فمه، لكنه لم يحصل من أي منها على جواب وذات يوم قال له سعدان طويل الذيل: صحيح أنك ببغاء! اذهب إلى ملكة الببغاوات، طار الببغاء الصغير إلى الشجرة العالية في وسط الغابة، ابتسمت الببغاء الملكة ابتسامة لطيفة، وقد كان يخاطب واحدا من رجاله! فالآدميون إذا سمعوا واحدا منهم يردد الكلام دون فهم قالوا إنه ببغاء!» أحس الببغاء الصغير بألم شديد. وذات يوم عاد الفرح فجأة إلى وجهه وصوته، كان الببغاء الصغير قد عزم على الرحيل. قال في نفسه: إذا كان الآدميون وحدهم يفكرون فلن أتعلم التفكير إلا منهم!» وقالت له: ألا يكفي أنك سعيد بيننا؟» قال لها: كان ذلك يكفي قبل أن أعلم أني أنطق ولا أفكر أريد أن أكون ببغاء عاقلا! وهكذا طار الببغاء الصغير صوب مملكة البشر. ظل الببغاء الصغير يطير وقتا طويلا أخيرا وصل إلى مدينة عظيمة. قال في نفسه: «لن يصعب على ببغاء أن يتعلم التفكير في هذا المنزل الكبير!» أسرع الببغاء الصغير إلى شجرة من شجرات البستان فحط عليها. فقال نفسه: «لم أكن أعرف أن في الدنيا أشجارا بلا طيور!» فقد رأى الملك الصياد الذي هدد بقطع لسان واحد جمد الببغاء الصغير في مكانه خوفا وقال في نفسه: هذا ملك يقطع الألسنة! إذا قطعا لسانيا فلن يفيدني التفكير ولا العقل الكبير!» انتظر حتى مر موكب الملك، صاح الببغاء الصغير: «ما حكايتك، أشفق الببغاء الصغير على الكناري وعزم على أن يخلصه مد رأسه إلى باب القفص يريد أن يفتحه بمنقاره، لقد أمر الملك بصنع قفل جعل مفتاحه مع البستاني! ظل الببغاء الصغير يدور في بستان الملك ساعات، استيقظ الببغاء الصغير فجرا على تغريد الكناري، فقد مد البستاني يده إليه وأمسك به، حاول الببغاء الصغير أن يتخلص من بين يدي الملك، وحبس الببغاء الصغير في القفص الذهبي الذي كان يحبس فيه الكناري، ثم يطلب من الببغاء الصغير أن يقلد ما يسمع وكان أهل البلاط كلهم يضحكون ويهتفون ويمزجون . أما الببغاء الصغير فكان حزينا جدا، يقول في نفسه: متى أتعلم التفكير؟» اعتاد الملك بعد ذلك أن يجلب القفص الذهبي إلى قاعة البلاط كلما أراد أن يتسلى، أجمل هذه الفتاة وإن لم يكن لها ريش ساحر الألوان مثل ريشي!» وقالت: «أنا ابنة الملك الصغيرة! أنا ياسمين!» تحدثت الأميرة الصغيرة إلى الببغاء الصغير ولا طفته وقالت له: أنا كنت صديقة الكناري. أحس الببغاء الصغير بالاطمئنان، وقال في نفسه: «لعل هذا هو التفكير! لعل صارت الأميرة الصغيرة ياسمين تزوره كل يوم، في إحدى الليالي استيقظ الببغاء الصغير على حركة غريبة حدق بين أشجار البستان فرأى الرجال الثلاثة أنفسهم الذين رآهم قبل أيام يحاولون دخول قصر الملك. عزم الملك على أن يعين الببغاء الصغير حارسا ملكيا، قال الببغاء الصغير في نفسه: هذه أول مرة أسمع فيها بمحبوس حارس! قال الكناري هامسا: اسكت وانتظر! نظر الببغاء الصغير إلى الملك لحظة، طار الببغاء الصغير في الظلام. في وسط النهار أحس الببغاء الصغير بالتعب فهبط إلى الأرض يستريح، قال الببغاء الصغير في نفسه: «لعل هذا هو التفكير!» وواصل طيرانه لا يلتفت إلى الوراء أبدا، عادت السعادة القديمة إلى قلب الببغاء الصغير.