أ. نظام الدومين: تعني كلمة الدومين ما يمتلكه السيد الإقطاعي (البارون) من أراضي، وقد تكون قرية واحدة أو مجموعة من القرى وهذه الأرض تمثل المقصد الحقيقي لقوة ونفوذ السيد الإقطاعي، وكان السيد الإقطاعي ينتقل من قرية إلى قرية ومعه أفراد أسرته ليستهلكوا غلاتها في مواضع إنتاجها حتى القرن العاشر . أما القسم الآخر يوزع على الأقنان مقابل تقديمهم خدمات للسيد الإقطاعي وقد أطلق على السيد المالك أو النبيل في بلدان غرب أوروبا أسماء مختلفة منها السيد Lord أو البارون Baron والدوق Duke و الماركيز Marquis والاريل Earl أو الكونت 46 1. أن يوفر كافة وسائل الدفاع العسكري عن الأراضي التي يملكها وما عليها من الأهالي. 2 أن ينظم ويهتم بكافة الشئون الزراعية والصناعية والتجارية في المنطقة التي يمتلكها. وكان السيد الإقطاعي يفتح أبواب قصره للفقراء في أيام الأعياد الإطعامهم، وكان كل طابق عادة عبارة عن غرفة واحدة، وفي وسطه وجد حزام ربط به جرابه وسيفه. وبعد ذلك يبدأ في الطواف في القرية للإشراف على أعمال القرية الكثيرة ويشترك بنفسه في بعضها، وبعد ما يفرغ من هذه الأعمال يعود إلى منزله حيث المحكمة التي كان لديها عمل واستقبال الزوار ومن لهم مشكلة، وكان الجميع ينامون في وقت مبكر، وتضربهم إذا لزم الأمر، وعلى أعمال منتجات الألبان كالزيد والجبن وعلى أعمال عصر العنب والتفاح، فإذا وقع في الأسر كان عليها أن تدبر المال اللازم لافتدائه من الأفنان أو بيع بعض مصوغاتها أو كلها إذا لزم الأمر، وكان ابن السيد الإقطاعي يرسل في السابعة من عمره إلي بيت إقطاعي آخر بدل المدرسة ليكون وصيفاً له ويعلمه الأدب والطاعة والأخلاق الطيبة وطريقة ارتداء الملابس وعادات الفرسان وتقاليدهم، وكانت البنات يتعلمن شئون المنزل وأعمال الفنون والعناية بالضيوف بالإضافة إلى القراءة والكتابة، وكثيراً ما كان قصر السيد الإقطاعي يتواجد فيه عدد من الأفصال Vassals . والفصل هو المحارب أو الفارس الصغير الذي لا يمتلك من الأرض إلا قدراً بسيطاً أو بدون أرض، وهو أدنى مرتبة من السيد الإقطاعي، وكان الأفصال ينالون شرف خدمة السيد الإقطاعي في الأعمال العسكرية أو الشخصية. فيركع الفصل أمام سيده الإقطاعي وهو أعزل عاري الرأس ويضع يده بين يديه، كما يسلم الفصله علما أو عصا أو حربه وبراءة تثبيت أوصاف الأرض الممنوحة ومساحتها، بل كانت الرابطة العسكرية هي القاعدة. وكان مالك القرية في بعض الأحيان أسقفاً أو رئيس دير، وقد سك هؤلاء العملة ورأسوا محاكم الأسقفيات والأديرة وقاموا بواجباتهم الإقطاعية مثل الخدمة العسكرية والإشراف على الأراضي الزراعية. كما نالت هذه الإقطاعات الكثير من المعونات من الملوك والأشراف على صورة هبات من الأرض أو أنصبة من الإيرادات الإقطاعية، وتراكمت هذه الهدايا حتى أصبحت الكنيسة أكبر ملاك الأرض، وكان رجال الدين الإقطاعيين يلقبون بالدوق والكونت وغيرها من الألقاب الإقطاعية. وهو الولاء الموزع بين البابوية والملكية، الأمر الذي أدى إلى الصراع بين البابوية والملكية أو الإمبراطورية التقليد العلماني). ويلاحظ أن هذا التنظيم لم يبدأ من أعلى إلى أسفل أو من أسفل إلى أعلى بل تكون جميعه معاً. وكان الملك هو صاحب السيادة على جميع الإقطاعيين سواء كانوا من النبلاء أو رجال الدين، وكان الملك من الوجهة الزمنية تابعاً لله، وإنه كان يحكم بموجب حق التفويض الإلهي سواء أرتقى عرشه بالوراثة أو الانتخاب. ورغم هذا كله فإن كبار الإقطاعيين في الدولة كانوا يعتبرون أن الملك ما هو إلا إقطاعياً مثلهم وأنه لا يعدو أن يكون هذا الملك ممثلاً لهم. وكانت سيادة هذا الملك لا تتعدى حدود دومينه أو أملاكه الإقطاعية. وذهب هذا التفتيت في الحكم في نهاية الدولة الكارولنجية، لأن الملوك الكارولنجيين أضعفوا سلطتهم المركزية، بتقسيم الإمبراطورية بين أبنائهم، بالإضافة إلى ذلك هجمات الفيكنج على شمال فرنسا التي كانت أشد الهجمات عنفاً. وعلي أية حال فقد كان الملك في ظل النظام الإقطاعي في هذه المرحلة إقطاعي مثل بقية الإقطاعيين ولم يتميز عنهم إلا أنه كان صاحب المقام الأول بين هؤلاء الإقطاعيين. ويعتمد في الحرب والسلم على المعونة التي يتلقاها من أتباعه وهي الخدمة لمدة أربعين يوما في الأعمال العسكرية كل عام. وهناك عوامل عديدة ساعدت على هدم النظام الاقطاعي منها : لذلك نادي الكثير بأن يقوم الحكومة المركزية محل الإقطاع. بالإضافة إلى أخطار نقل البضائع داخل البلاد وخارجها. وقد تحالفت هذه الطبقة الجديدة مع الملك ضد النظام الإقطاعي ونشأ من هذه الطبقات مجتمعات جديدة في مدن جديدة ساعد الملوك على إقامتها، والعبيد من قراهم والتحقوا بهذه المدن. 3 وساعدت الكنيسة أيضاً على تقوية السلطة المركزية، إذا كان رجال الدين الإقطاعيين أوفياء للملك، كما أن تعامل البابوات مع الملوك في معظم الأوقات كان أيسر بكثير من تعاملهم مع السادة الإقطاعيين. 4. تمكن الملوك من تقوية حكومتهم المركزية بتوريث أولادهم السلطة من بعدهم. وكان المتبع مع الملوك هو قيامهم بتتويج إبناً لهم أو أخاً قبل وفاتهم، وبسبب ما عاناه الأهالي من النظم الإقطاعية ارتضوا بالملكية الوراثية بدلاً من الفوضى الإقطاعية. كما أرسلوا أولادهم إلى قصر الملك - لا إلى قصر إقطاعي آخر - ليخدموا الملك أو الملكة وليتعلموا آداب القصور والبلاط. 7 واستعان ملوك فرنسا برجال القانون الذين ساندوا السلطة المركزية وقضوا على النفوذ الإقطاعي. وفي النهاية تمكن الملك من انتزاع ولاء كافة الإقطاعيين بصفته ملكاً لا بصفته كبير الإقطاعيين. وترتب على هذا كله زيادة موارد الملك، -3- الحقوق والواجبات الإقطاعية ذلك أن التمتع باستغلال الأرض كان تمتعا بالوفاء بالتزامات معينة، مقابل تعهد السيد الإقطاعي بالوفاء بواجبات محددة تجاه فصله، ومعنى هذا أن كل طرف من الطرفين - السيد الإقطاعي والفصل المقطع - له حقوق وعليه واجبات تجاه الطرف الآخر. 1. واجبات الفصل تجاه سيده من الطبيعي أن يكون التعاون في ميدان الحرب هو المحور الأساسي للعلاقات الإقطاعية بين السيد وأفصاله، لأن المهمة الأولى للسيد الإقطاعي كانت حماية أفصاله وأراضيهم، في حين كان الواجب الأول على هؤلاء الأفصال هو الخدمة في جيش سيدهم ضد خصومه. ولم يكن هناك تحديد في أول الأمر لنوع الحروب التي يتعين على الفصل أن يشارك سيده في القيام بها، ولكن بمرور الوقت ظهر التميز بين الحروب الهجومية والحروب الدفاعية وكان ذلك في عصر هجمات الفايكنج فسادت الفوضى وعظم الخطر، عندئذ أدرك الأفصال أنهم ملزمون بالخروج على رأس عدد معين من الفرسان بأسلحتهم لصد المعتدين والقيام بواجباتهم الإقطاعية للدفاع عن سيدهم الإقطاعي وممتلكاتهم. ولذا جاء السادة الإقطاعيون إلى استشارة أفصالهم قبل الإقدام على عمل هام. أخذت القلاع الإقطاعية في غرب أوروبا تنتشر منذ القرن العاشر حتى أصبح لكل سيد إقطاعي - في القرن الحادي عشر - قلعة Castle على الأقل يأوى إليها فصاله وذويهم وقت الخطر، ويتناوب هؤلاء الأفصال حراستها على مدار السنة. أما المدة التي فرض على الأفصال قضاؤها في حراسة قلعة سيدهم فقد تراوحت بين ثلاثين وأربعين يوما في السنة. ب. واجبات اجتماعية كانت هناك أغراض متعددة تستدعي حضور الفصل إلى قصر السيد الإقطاعي على نفقته الخاصة عندما يطلب منه ذلك، أهمها رغبة السيد الإقطاعي في استشارة أفصاله فيما يهم مجتمعهم الصغير من مصالح مشتركة منها أخذ السيد الإقطاعي رأي أفصاله في اختيار زوجة لنفسه أو لابنه أو زوجاً لابنته، وهذا يدل على أن مبدأ الشورى كان من المبادئ الأساسية في النظام الإقطاعي. التزام الفصل بالحصول على موافقة سيدة الإقطاعي قبل أن يزوج ابنته، وفي حالة وفاة أحد الأفصال وترك ابناً صغيراً لا يستطيع النهوض بمهام الإقطاع والتزاماته، أو ابنه لم تتزوج بعد، أو يتولى السيد الإقطاعي نفسه الوصاية على الوريث وأرضه، فإذا كان الوريث ذكراً ظلت وصاية السيد عليه قائمة حتي يبلغ سن الرشد، وإذا كانت الوريثة أنثى أصبح واجباً على السيد أن يبحث لها عن زوج مناسب يستطيع أنيقي بكافة الالتزامات المفروضة على الإقطاع. أما إذا توفى الفصل دون أن يترك وريثاً يخلفه فإن إقطاعه ينتقل في هذه الحالة إلى سيده الإقطاعي. التزام الفصل بتقديم مساعدات ومكوس إقطاعية للسيد الإقطاعي وأهمها : 2 ضريبة المعونة هي ضريبة يدفعها الفصل السيده في مناسبات خاصة منها إذا كان وريث الإقطاع عاجزاً عن دفع ضريبة الحلوان لسيده الإقطاعي، وأيضاً في حالة أسر السيد الإقطاعي في حرب وجب على أفصاله أن يجمعوا الفداء اللازم لإطلاق سراحه، وهذه المناسبات تتطلب نفقات طائلة من السيد الإقطاعي ولذلك وجب على أفصاله أن يعاونوه في سد هذه النفقات، ولكن هذه المعونة العينية استبدلت بعد ذلك بالمال وأيضاً في حالة المشاركة بحملة صليبية أو بناء قلعة جديدة يعتمد السيد الإقطاعي 3. ضريبة الضيافة لم تكن هذه الضريبة في أول الأمر محدودة، وعلى الفصل أن يستقبل سيده وحاشيتهوعليه أن يكرمهم ويزودهم بالهدايا أيضاً، ولكن بمضى الزمن اتفق على تحديد عدد الزيارات والمدة التي يقضيها في ضيافة الفصل وعند المرافقين له وعدد الخيول والدواب وما تحتاج إليه من مؤن. 2. حقوق الأفصال: إذا كان النظام الإقطاعي يعتبر قبل كل شيء تعاقداً بين السيد وأفصاله على أساس من الحقوق والواجبات المتبادلة، وكانت أهم الالتزامات التي ألقاها القانون الإقطاعي على كاهل السيد وهي قيامه بحماية أفصاله ورعايتهم وتحقيق العدالة لهم، فإذا اعتقد الفصل أن سيده يسيء إليه فله أن يطلب عرض قضيته أمام محكمة غير تابعة لسيده،