تسير بولندا نحو تدهور سريع في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، ما فتح شهية جاراتها للتوسع على حسابها. لم يكن الهدف من ضم الأراضي البولندية هو مجرد زيادة المساحة، بل كان للحفاظ على التوازن الدولي. خشيت كل من بروسيا والنمسا من سيطرة روسيا على بولندا، مما قد يُمكّنها من اختراق قلب الإمبراطورية الرومانية المقدسة بسهولة. على الرغم من أن الجيش الروسي كان أضعف من نظرائه البروسي أو النمساوي، إلا أن اتساع نفوذها البشري والاقتصادي جعلها قوةً مرعبة. أما إنجلترا، فكانت مهتمة بالمستعمرات و ما وراء البحار، وليس بأوروبا. ولذلك، كانت مخاوف أوروبا من نمو روسيا أو فرنسا أكبر من مخاوفها من نمو إنجلترا. هذه الظروف الأوروبية العامة سبقت نشوب الثورة الفرنسية في عام 1789م. بدت هذه الظروف مواتية لحركة إصلاحية أو ثورة تطالب بتغيير نظام الحكم في فرنسا دون الانتشار العالمي، لكن الثورة كانت حتمية، فالأفكار الثورية كانت موجودة وتنتظر الفرصة المناسبة للانطلاق. عندما دعا الملك لويس السادس عشر مجلس طبقات الأمة للانعقاد، فرح أبناء الطبقة الوسطى ورأوا فرصة لإجراء الإصلاحات. نشأ خلاف بين طبقتي الأشراف ورجال الدين من جهة، وطبقة العامة من جهة أخرى. طالب أتباع طبقة العامة بالتصويت على أساس عدد الأعضاء، بينما أصرت الطبقتان المتميزتان على التصويت على أساس الحجرات. رفض أتباع الطبقتين المتميزتين الاجتماع مع طبقة العامة، فاجتمعوا مع بعضهم وأعلنوا أنهم يمثلون الأمة الفرنسية، وأقسموا في ملعب التنس في 20 يونيو 1789م على وضع دستور جديد للبلاد، على الرغم من موافقة الملك على اجتماع جميع الطبقات معاً. أطلق على هذه الجماعة اسم الجمعية الوطنية أو المجلس التأسيسي، وبدأت مرحلة وضع الدستور الجديد لفرنسا، وهي بداية الثورة الفرنسية. اجتمع أعضاء الجمعية الوطنية في فرساي لوضع دستور جديد للبلاد. في 14 يوليو 1789م، هاجم الشعب سجن الباستيل في باريس، أطلق سراح المسجونين السياسيين فيه، وأصبح هذا الحادث رمزاً للحرية التي نادت بها الثورة، وأصبح تاريخه يومًا وطنيًا للفرنسيين. بعد حادثة الباستيل، هاجم الفلاحون ضياع الإقطاعيين الأشراف وقصورهم، مما دفع عدداً كبيراً من الأشراف للهجرة خارج فرنسا، وأصبح وجودهم تهديداً عسكرياً لها، خاصةً بعد تحريض ملوك أوروبا على ضرب الثورة الفرنسية، و باتت البلاد على حافة اندلاع حرب أهلية.