هذا الجزء من البحث يتناول الاتجاهات النظرية الحديثة في دراسة البناء الاجتماعي للمجتمعات البدوية، مُعتمداً على محورين: الأول يعرض الاتجاهات التقليدية، والثاني يعرض الاتجاهات الحديثة. تُظهر الدراسات الحديثة ترابطاً بين النظرية والبحث، حيث تُستخدم الأخيرة لاختبار النظريات القائمة أو توليد نظريات جديدة قابلة للاختبار. تُناقش الاتجاهات التقليدية، بدءاً من أصول الأنثروبولوجيا في القرن التاسع عشر، مُسلطةً الضوء على سيادة أنماط الفكر التطوري والانتشاري في دراسة نشأة المجتمعات. يُبرز النصّ إسهامات المدرسة البريطانية (إيفانز بريتشارد، راد كليف براون) و تأثير المدرسة الفرنسية (إميل دوركايم) عليها، بالإضافة إلى نقاشٍ حول المنهج المقارن والتاريخي في دراسة التحولات الثقافية من "النمط البدائي" إلى "النمط المتقدم". كما يُناقش النصّ بحوث المدرسة البريطانية، وانتقاداتها، ومساعيها للجمع بين التحليل الوظيفي والاهتمام التاريخي، مع التأكيد على أهمية الأبحاث الحقلية. أما الاتجاهات النظرية الحديثة، فتُشير إلى تعديلات نظرية ومنهجية في الأنثروبولوجيا، دون نفي كامل للأساليب التقليدية. يُذكر النصّ أفكار ليفي ستروس حول الأنثروبولوجيا البنيوية وظهور الأنثروبولوجيا التطبيقية، مُشيراً إلى تنوع المدارس والنظريات في هذا المجال. يُسلط الضوء على إسهامات غير أنثروبولوجية، كالكتابات الجغرافية والتاريخية، وخاصةً إسهامات ابن خلدون ومفهوم "العصبية" في فهم التنظيم القبلي، بالإضافة إلى كتابات مستشرقين كويليام روبرتسون سميث، واستخدام إيفانز بريتشارد لمفهوم العصبية في دراساته. يُناقش أيضاً أثر التغيرات السريعة على المجتمعات البدوية، وحاجة الدراسات الحديثة إلى تجاوز النظرة الوظيفية السلبية للتغير الاجتماعي، مُشيراً إلى دراسات التحديث والتغير البنيوي في الكويت وقطر، مع التركيز على دراسة ديناميكيات التغير الاجتماعي والتفاعل بين الجماعات القبلية. يُختتم النصّ بالتأكيد على أهمية علم الأيكولوجيا الثقافية في دراسة العلاقة بين الإنسان وبيئته، ومساهمات جوليان ستيوارت في هذا المجال، مع شرح خطوات التحليل الأيكولوجي الثقافي، والتأكيد على أن الأنثروبولوجيا الحديثة، مع تركيزها على دراسة التكيفات الأيكولوجية، هي الأنسب لدراسة المجتمعات البدوية والتغيرات التي تطرأ عليها.