رابعًا، علاقة علم الاجتماع بالعلوم الإنسانية الأخرى: يُظهر تاريخ الفكر الاجتماعي ارتباطًا وثيقًا لعلم الاجتماع بالعلوم الإنسانية كالتاريخ، الأنثروبولوجيا، الإثنوجرافيا، الجغرافيا، البيولوجيا، وعلم النفس، بالإضافة إلى العلوم الاجتماعية كعلم السياسة، الاقتصاد، اللغات، الدين، والأخلاق. سنستعرض بإيجاز طبيعة هذه العلاقات: 1- علاقة علم الاجتماع بالتاريخ: يعتمد علم الاجتماع على التاريخ لفهم الحقائق الاجتماعية وتطورها عبر الزمان والمكان، مستخدمًا سجلات التاريخ لدعم أطروحاته. يحتاج الباحث الاجتماعي إلى دراسة التاريخ للفهم حياة الأمم، عاداتها، تقاليدها، معتقداتها، وثوراتها وحروبها. المؤرخ بدوره يستفيد من النظريات الاجتماعية ويصحح الوقائع بناءً على قوانين الاجتماع الإنساني. 2- علاقة علم الاجتماع بعلم النفس: علم النفس يدرس سلوك الإنسان، دوافعه، انفعالاته، ميوله، تفكيره، وإدراكه، وهي مواضيع يهتم بها علم الاجتماع بشكل غير مباشر، نظرًا لتأثير البيئة الاجتماعية على الفرد. يشترك كلا العلمين في دراسة تفاعل الفرد مع بيئته، العلاقات بين الجماعات، ديناميات الجماعة، المجتمعات الفردية والاشتراكية، والشخصية (كبعد اجتماعي). مفاهيم كالوعي الجمعي، المحاكاة، الفرائز، روح الجامعات، واتجاهات الرأي العام لها أصول نفسية اجتماعية. 3- علاقة علم الاجتماع بعلم الأنثروبولوجيا: الأنثروبولوجيا تدرس الأجناس البشرية، أصولها، تطورها، الإنسان الأول، لغته، عاداته، وتأثير البيئة عليه. يُعتبر علم الأنثروبولوجيا فرعًا من علم الاجتماع العام، وكلاهما يدرس البناء والوظائف الاجتماعية. يشير مصطلح "بدائي" في الأنثروبولوجيا إلى مجتمعات صغيرة بسيطة. 4- علاقة علم الاجتماع بالخدمة الاجتماعية: يشترك علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في دراسة الإنسان وسلوكه الجماعي. يحلل علم الاجتماع علاقة الإنسان بثقافته وبيئته، مُساعدًا الاخصائيين الاجتماعيين في رسم خططهم الإصلاحية، خاصةً في علم الاجتماع التطبيقي الذي يدرس المشكلات الاجتماعية الناتجة عن التغيرات الاجتماعية والتكنولوجية، والهجرة، والطفرات الاقتصادية. 5- علاقة علم الاجتماع بالاقتصاد: يدرس الاقتصاد الإنتاج، التداول، التوزيع، واستهلاك الثروة، وهي ظواهر اجتماعية تعتمد على العمل البشري وتنظيمات اجتماعية. يشترك كلا العلمين في دراسة العلاقات الاقتصادية بين العمال وأصحاب العمل. 6- علاقة علم الاجتماع بعلم السياسة: الدولة مجتمع متطور، وتستمر أنظمتها السياسية بفضل قوى ودوافع اجتماعية. يحتاج عالم السياسة إلى فهم الحقائق الاجتماعية لفهم السياسة. نشأ علم الاجتماع السياسي لدراسة الدولة كوحدة سياسية واجتماعية. 7- علاقة علم الاجتماع بالإحصاء: الإحصاء يُطبق المناهج الرياضية على الظواهر الاجتماعية، وهو منهج أساسي في البحث الاجتماعي للوصول إلى قوانين كمية دقيقة. 8- علاقة علم الاجتماع بقانون: يدرس القانون القواعد التي تنظم المجتمع، والجزاءات على المخالفين. يرى دوركهايم أن هذه القوانين ليست مستقلة عن الأفراد، وتهدف إلى توحيد سلوك أغلبية المواطنين. يساعد علم القانون علماء الاجتماع على فهم المجتمع، مثل دراسة الملكية من منظور قانوني واجتماعي، وتأثيرها على الحكم والطبقات الاجتماعية.