وفي بداية هذه المسرحية نرى هرقل يشعر بالرضا ويشكر الآلهة الوثنية التي أيدته في مغامراته البطولية العجيبة التي خاضها في الدنيا بما في ذلك أنه ذهب لعالم الموتى لأداء بعض المهمات فيه وعاد منه، وكان آخر عمل قام به أنه دمر مملكة أويخاليا، وكان كل ذلك من أجل أن ملك تلك البلاد قد رفض أن يزوجه ابنته يولي، وقد استطاع هرقل بعد أن دمر هذه المملكة أن يحصل على يولي. وحين علمت ديانيرا أن هرقل قد هاجم مملكة أويخاليا من أجل يولي، وأنها رأت أن تستخدم دم نيسوس – وهو مخلوق فيه من طبيعة البشر والوحوش، وكان هرقل قد قتله بسهم من قوسه – الذي كان قد نصحها وهو يموت بأن تجمع دمه في قارورة، وقال لها: إنها حين ترى أن هرقل قد مال لامرأة أخرى فما عليها عند ذلك غير أن تصبغ ثوبا له بهذا الدم، وتختار ثوبا حسنا لهرقل وتصبغه بدم ذلك المخلوق، وترسله لهرقل ليلبسه احتفالا لذلك النصر الذي حققه أخيرا. وتدرك هذا الأمر في الوقت الذي تكون متأكدة أن الثوب قد وصل لهرقل، وتعرف منه أن هرقل يحترق بعد لبسه ذلك الثوب، ويعرف هيللوس أن أمه لم تشأ الإضرار بأبيه هرقل حين أرسلت له هذا الثوب، فيحاول صرفها عن أن تقتل نفسها – على خلاف ما نراه في مسرحية بنات تراخيس من أن هيللوس كان يدعو أمه لتموت بعد أن تسببت في المصاب الذي حدث لأبيه – وتقتل ديانيرا نفسها، أنها ببكائها ونحيبها بهذا الشكل تقلل من قدره. ويعرف أيضا فيلوكتيتس صديق هرقل وأتباع هرقل أن هرقل قد صار إلها بين الآلهة – الوثنية – فيسعد الجميع بذلك. والملاحظ أن بعض بطولات هرقل ليست سوى اعتداء على الآخرين وقتلهم بدون وجه حق، ومن أجل قوته هذه الهائلة صار أعجوبة عندهم حتى رأو في أساطيرهم أنه صار الها وثنيا بعد موته. وأعتقد أن عرض سينيكا لديانيرا في أنها كانت ترغب في قتل هرقل حين عرفت أنه سيتخذ يولي زوجة له – كان خطأ منه، ولم يفعل سوفوكليس هذا الأمر في مسرحية بنات تراخيس، فلم تفكر ديانيرا فيها أبدا في قتل هرقل، بل كان كل تفكيرها في إبعاد يولي عنه من خلال دم نيسوس الذي ظنت أنه سيأتي بمفعول طيب في ذلك، كما حدثها هو في ذلك قبل موته، ومما يؤكد قولي بأن سينيكا قد وقع في الخطأ في ذلك أننا نرى ديانيرا حين علمت أن هرقل يتألم ويقترب من الموت بسبب الثوب الملطخ بدم نيسوس الذي أرسلته له – لم تسامح نفسها فيما فعلته، وقد رأينا سينيكا يتعرض لهذه المقارنة في مواضع أخرى من بعض مسرحياته، كما نرى في مسرحية ثيستيس، لا سيما نيرون الذي لم يشفع لسينيكا عنده تعليمه له،