ظلَّ نجم الدين في قلعة الكرك سجينًا، وكلما اشتد به الكرب ذكَّرته بالمواقف العصيبة التي وقف فيها ربه بجانبه، ونجم الدين يسمع لها ويفكر ثم رفع رأسه وقال: مضى سبعة أشهر ونحن في هذا المحبس القاسي، ولا إخال داود بعد هذه المدة الطويلة إلا مرسلًا إليك، فهزَّ نجم الدين رأسه ثم قال في أسى: ما أظنُّه بعد هذه المدةِ الطويلةِ إلا قاتِلَنا ومتخلِّصًا منَّا وقابضًا الثمن الذي يعرضه عليه العادل، قالت في ثقة: لو كان يريد قتلنا ما أبقانا هذه المدة كلَّها، فلم يصبح الصباح حتى بعث داود إلى نجم الدين، يعده بإطلاق سراحه والسير معه إلى مصر، قال بن موسك وهو ينظر إلى وجه نجم الدين، فماذا يرى مولاي نجم الدين؟! ". تذكَّر نجم الدين رأي شجر الدر فلم يفكِّر طويلًا، واستعدَّ نجم الدين وشجر الدر للخروج من ذلك السجن، فلم تعودا إلى نجم الدين مع مماليكه الذين عادوا إليه بعد الاتفاق؛ وأسرعتا بالكتابة إلى سوداء بنت الفقيه تعلمانها بِما حدث، وتخبرانِها بأنَّ نجم الدين وداود وشجر الدر في طريقهم إليها؛ وجمعت القواد وقالت لهم في غضبٍ شديدٍ: أرأيتم؟! اتفق داود ونجم الدين! قلت لكم أبقوا داود بمصر، ومُدُّوا له الأطماع ومَنُّوه الأماني، حتى نتمكن من نجم الدين ثم نأخذه بعده، ومضت تقول في شدةٍ : لن يُفْلِتَ نجم الدين! ولن يَنجُوَ داود! بينهما وبين مصر ما بين السماء والأرض، وسوف أضعهما بين ماضِغَي الأسد ". تحُثُّه على السير إلى نجم الدين لِيُطْبِقَ عليه من خلفه، وملأت كتابها بالتحذير من الخطر الذي ستتعرض له دمشق إذا دخل نجم الدين مصر؛ فلم يتمهَّلْ الصالح إسماعيل وأمر جيشه بالاستعداد، وحَصْرِ نجم الدين بينه وبين الصالح إسماعيل . * سجن نجم الدين وشجر الدر فى قلعة الكرك لمدة سبعة أشهر. * كان نجم الدين فى محبسه حزينا يشتد عليه الكرب لا تسليه سوى شجر الدر التى كانت تذكره بالمواقف العصيبة التى وقف فيها ربه بجانبه. * رأى نجم الدين أن داود ينوى قتله هو وشجر الدر، * رأت شجر الدر أن داود لن يقتلهما، ليغلى الثمن ويفرض على نجم الدين شروطه وطلبت من نجم الدين الموافقة عليها مهما كانت. * عرض داود على نجم الدين أن يأخذ منه دمشق وحلب والجزيرة والموصل وديار بكر ونصف ديار مصر، بالإضافة إلى نصف ما لديه من مال وثياب وخيل فى مقابل أن يطلق سراحه، فاستكثر نجم الدين هذا الثمن، * عرفت الجاريتان ورد المنى ونور الصباح أن شجر الدر تأكدت من أنهما وراء كل ما أصابها وزوجها، وتخبرانها بأن نجم الدين، * غصبت سوداء من قوادها؛ وكان يجب إبقاؤه ومد الأطماع إليه حتى تتمكن من نجم الدين. * وضعت سوداء خطة تمثلت فى حصر نجم الدين بين جيشى العادل وإسماعيل،