البيئة : المقصود بالبيئة هي الوسط الذي يعيش فيه الفرد ، وبالتالي فان ذلك الوسط يؤثر على مظاهر النمو المختلفة عنده ، فللبيئة تأثير بالغ على سلوك وشخصيات الأفراد ، ألم يشر الى ذلك منذ عصور غابرة صاحب نظرية العمران (عبد الرحمان بن خلدون ) في قوله : ان الفرد ابن بيئته أكثر مما هو ابن والديه . فتأثير البيئة لا يقل أهمية عن العامل الوراثي في الشخصية والنمو . فعندما نثير هذا التأثير فاننا نقصد بذلك اول بيئة ينمو فيها الفرد وهي بيئة الرحم ، فرغم انها قصيرة جدا (من تسعة الى سبعة اشهر ) الا انها تترك اثارها بصفة ايجابية او سلبية على كامل المراحل اللاحقة .فغذاء المرأة الحامل واصابتها ببعض الامراض وكذا تعرضها باستمرار الى الأشعة السينية الى جاني الجو النفسي المحيط بها من قلق وتوتر او استقرار نفسي ، كل هذه العوامل تؤثر بصفة مباشرة او غير مباشرة على نمو الفرد قبل وأثناء و بعد الولادة .و الى جانب بيئة الرحم ، فان البيئة بصفة عامة تشير الى الوسط الجغرافي والثقافي الاجتماعي التي ينمو فيها الفرد . فقد أشارت الدراسات السيكولوجية الى ان فترة البلوغ تكون مبكرة بالنسبة للافراد الذين يعيشون في المناطق الحارة عكس المنالطق الباردة ، وتنعكس المعطيات فيما يتعلق بمظاهر الشيخوخة فهي تظهر مبكرة بالنسبة للأفراد الذين يعيشون في المناطق الحارة ، عكس المناطق الباردة اضافة الى نوع المزاج والطبع الذي يكون هادئا بالنسبة لسكان المناطق الحارة وسريع الانفعال والغضب لدى سكان المناطق الجبلية الباردة .أما تأثير البيئة الثقافية والاجتماعية فلها أيضا بصمتها في تشكل الشخصية وطبيعة نمو الأفراد ، لاسيما في مرحلة الطفولة فقد أكدت الدراسات المهتمة بنمو اللغة عند الصغار أن الأطفال اللذين ينحدرون من أسر ذات مستوى ثقافي عالي ، يمتلكون رصيد لغوي ثري وجمل مركبة على عكس الأطفال ناذين ينحدرون منأسر ذات مستوى ثقافي منخفض ، كما أن الاتصال بين الاباء و الأبناء له تأثير بالغ في النمو اللغوي والعقلي عند الطفل .و ما يمكن قوله بالنسبة لتأثير الوراثية والبيئة في الشخصية ، أن النمو هو محصلة ونتاج التفاعل بين هذين المكونين .